قال المازنيّ: (الأصل عندنا (وقّتت) لأنها (فعّلت) من الوقت ولكنها التزمت الهمز لانضمامها، ولو كانت في غير القرآن لكان ترك الهمز جائزا) (١).
ومن الإبدال كذلك إبدال التاء سينا في قوله تعالى: لا يسمعون إلى الملإ الأعلى [الصافات/ ٨] حيث قرأ الكوفيون إلا أبا بكر (يسّمّعون) بتحريك السين وتشديدها مع تشديد الميم وفتحها أيضا، وقرأ الباقون بتخفيفهما (٢).
فالفعل هنا أصله (يتسمّعون)، والماضي منه (تسمّع) على صيغة تفعّل، والذي حصل فيه أن الفاء سكّنت ثم أبدلت حرفا مماثلا للحرف الذى يليها ثم أدغمت فيه فلحقها ألف الوصل ليمكن الابتداء بالساكن (٣).
٥. حذف الحركة الإعرابية واختلاسها: الحذف في اللغة إسقاط شيء من الكلام لا بد فيه من خلف ليستغنى به عن المحذوف (٤). وقد أدرك اللغويون أن حركات الإعراب، الضمة والكسرة خاصة قد يضحّي بها العربيّ أحيانا لأجل الخفة والتوافق الحركي ويتم ذلك بصورتين إحداهما المجانسة، وثانيهما التخفيف. فالمجانسة تكون بين
حركتين حين تجتمعان في موضع، كالضمة بعد كسرة أو الكسرة بعد ضمة. أما التخفيف فيكون عند توالي الحركات فتوقف حركة منها للتخلص من الثقل (٥).
وهذه الظاهرة عدّها سيبويه اختلاسا عند كلامه في باب الإشباع فقال: وأما الذين لا يشبعون فيختلسون اختلاسا. وعلى هذا فسّر قراءة أبي عمرو لقوله تعالى: إلى بارئكم [البقرة/ ٥٤] بإسكان الهمزة (٦). وتابع سيبويه في هذا ابن جني (٧). وقد اختلف النحاة في جواز حذف واختلاس الحركات. فذهب الفرّاء وأبو علي الفارسي إلى جواز ذلك، وقال ابن مالك في جوازه: إن أبا عمرو حكاه
_________
(١) المنصف ١/ ٢١٨.
(٢) الكنز/ ٥٤٥.
(٣) الصرف/ ٢٠٩.
(٤) الفروق في اللغة/ ٣١، ٣٢.
(٥) أبو عمرو بن العلاء وجهوده في القراءة والنحو/ ٦٧.
(٦) الكتاب ٤/ ٢٠٢.
(٧) الخصائص ١/ ٧٢.
1 / 61