Trésor des Bienfaits
كنزالفوائد
لكنه إنما ياتيهم من ذلك في كل وقت بقدر حاجتهم وما يعلم انه الاصلح لهم فإن قال فإذا كان الذي فعل بهم مما تقولون انه الاصلح لهم امثال فقد وجب إذا جمعت لهم تلك الامثال ان تكون اصلح لهم من الواحد قلنا لهم ليس يجب ذلك ومما يدل على ان القول ما قلناه انه يكون صلاح المريض مقدارا من الدواء ولذلك المقدار من الدواء امثال لو جمعت كلها له لصار تضررا عليه ولقتلته وكذلك الجائع قد يكون مقدار من الطعام فيه صلاحه ولذلك المقدار امثله لو ضمت فاكلها لعادت عليه ضررا ولامرضته وكذلك قد يكون معنى هو صلاح العبد في دينه وله امثال لو جمعت له لم يكن فيها صلاحه بل كان فيها ضرره وفساده وقد جاءت الاخبار عن آل محمد صلوات الله عليهم بان الله لا يفعل بعبده إلا اصلح الاشياء له اخبرني شيخنا المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رضى الله عنه قال اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن عده من اصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن يحيى بن ابراهيم عن عاصم بن عبيد عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام انه قال الصبر والرضا عن الله راس طاعة الله ومن صبر ورضى عن الله بما قضى عليه فيما احب أو كره هو خير له وقد ظن من لا معرفة له انا لما قلنا ان الله تعالى يفعل بعباده الاصلح لهم انه يلزمنا على ذلك ان يكون ما يفعله باهل النار من العذاب اصلح لهم وقد رايت من اصحابنا من يلتزم ذلك ويقول قد اخبر الله تعالى عن أهل النار انهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه قال ولو ردوا وعادوا لاستحقوا من العذاب اكثر مما يفعل بهم في النار فالاقتصار بهم على ما هم فيه اصلح لهم وهذا غير صحيح والاصلح إنما هو التيسير الى فعل الطاعة وتسهيل الطريق التي هي تناولها وهذا لا يكون إلا في حال التكليف دون غيرها فاما الاية فانما تضمنت تكذيب أهل النار فيما قالوه لان الله تعالى اخبر عنهم فقال * (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا ونكون من المؤمنين) * الانعام فقال الله تعالى مكذبا لهم * (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون) * الانعام (فصل) من الكلام في الترك وقد اختار عبد السلام الجبائي لنفسه قولا قبيحا ضاهى فيه قول المجبرة ان الله تعالى يعذب العبد على ما لم يحدثه وزاد عليهم زيادة بانه قال انه يعذب العبد من غير فعل فعله ولا شئ اكتسبه وذلك لانه يقول ان ترك الطاعة التي افترضها الله تعالى واوجبها يجوز ان لا يكون فعلا ثم يعذب الله تعالى العبد لانه ترك وان لم يكن ترك
--- [ 55 ]
Page 54