Le Complet dans l'histoire

Ibn al-Athir d. 630 AH
77

Le Complet dans l'histoire

الكامل في التاريخ

Chercheur

عمر عبد السلام تدمري

Maison d'édition

دار الكتاب العربي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

Histoire
مُنَادٍ اخْتَرْ رَمَادًا رِمْدَادًا، لَا تُبْقِي مِنْ عَادٍ أَحَدًا، لَا وَلَدًا تَتْرُكُ وَلَا وَالِدًا إِلَّا جَعَلَتْهُ هَمَدًا، إِلَّا بَنِي اللُّوذِيَّةِ الْمُهْدَى. وَبَنُو اللُّوذِيَّةِ: بَنُو لُقَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ، كَانُوا بِمَكَّةَ عِنْدَ خَالِهِمْ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ. وَسَاقَ اللَّهُ السَّحَابَةَ السَّوْدَاءَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ إِلَى عَادٍ، فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ وَادٍ يُقَالُ لَهُ الْمُغِيثُ، فَلَمَّا رَأَوْهَا اسْتَبْشَرُوا بِهَا وَقَالُوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ - تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٤ - ٢٥] أَيْ كُلَّ شَيْءٍ أُمِرَتْ بِهِ. وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ رَأَى مَا فِيهَا وَعَرَفَ أَنَّهَا رِيحٌ مُهْلِكَةٌ امْرَأَةً مِنْ عَادٍ يُقَالُ لَهَا فَهْدَدُ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا فِيهَا صَاحَتْ وَصُعِقَتْ، فَلَمَّا أَفَاقَتْ قَالُوا: مَاذَا رَأَيْتِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ رِيحًا فِيهَا كَشُهُبِ النَّارِ أَمَامَهَا رِجَالٌ يَقُودُونَهَا، فَلَمَّا خَرَجَتِ الرِّيحُ مِنَ الْوَادِي قَالَ سَبْعَةُ رَهْطٍ مِنْهُمْ، أَحَدُهُمُ الْخَلَجَانُ: تَعَالَوْا حَتَّى نَقُومَ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي فَنَرُدَّهَا. فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ تَحْتَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ فَتَحْمِلُهُ فَتَدُقُّ عُنُقَهُ، وَبَقِيَ الْخَلَجَانُ فَمَالَ إِلَى الْجَبَلِ وَقَالَ: لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْخَلَجَانُ نَفْسُهُ ... يَا لَكَ مِنْ يَوْمٍ دَهَانِي أَمْسُهُ بِثَابِتِ الْوَطْءِ شَدِيدٍ وَطْسُهُ ... لَوْ لَمْ يَجِئْنِي جِئْتُهُ أَجُسُّهُ فَقَالَ لَهُ هُودٌ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ. فَقَالَ: وَمَا لِي؟ قَالَ: الْجَنَّةُ. فَقَالَ: فَمَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي السَّحَابِ كَأَنَّهُمُ الْبُخْتُ؟ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. قَالَ: أَيُعِيذُنِي رَبُّكَ مِنْهُمْ إِنْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: هَلْ رَأَيْتَ مَلِكًا يُعِيذُ مَنْ جَنَّدَهُ؟ قَالَ: لَوْ فَعَلَ مَا رَضِيتُ. ثُمَّ جَاءَتِ الرِّيحُ وَأَلْحَقَتْهُ بِأَصْحَابِهِ وَ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧]، كَمَا قَالَ تَعَالَى. وَالْحُسُومُ: الدَّائِمَةُ. فَلَمْ تَدَعْ مِنْ عَادٍ أَحَدًا إِلَّا هَلَكَ، وَاعْتَزَلَ هُودٌ وَالْمُؤْمِنُونَ فِي حَظِيرَةٍ لَمْ يُصِبْهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْهَا إِلَّا تَلْيِينُ الْجُلُودِ، وَإِنَّهَا لَتَمُرُّ

1 / 81