Le Complet dans l'histoire
الكامل في التاريخ
Enquêteur
عمر عبد السلام تدمري
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
Histoire
طَبَقَ السَّفِينَةِ، وَجَعَلَتِ الْفُلْكُ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ، وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ الَّذِي هَلَكَ، وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ: ﴿يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾ [هود: ٤٢] وَكَانَ كَافِرًا، ﴿قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ﴾ [هود: ٤٣]، وَكَانَ عَهِدَ الْجِبَالَ وَهِيَ حِرْزٌ وَمَلْجَأٌ. فَقَالَ نُوحٌ ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [هود: ٤٣] . وَعَلَا الْمَاءُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ، فَكَانَ عَلَى أَعْلَى جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، فَهَلَكَ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا نُوحٌ وَمَنْ مَعَهُ، وَإِلَّا عَوْجُ بْنُ عُنُقَ، فِيمَا زَعَمَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ، وَكَانَ بَيْنَ إِرْسَالِ الْمَاءِ وَبَيْنَ أَنْ غَاضَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرْسَلَ اللَّهُ الْمَطَرَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَأَقْبَلَتِ الْوَحْشُ حِينَ أَصَابَهَا الْمَطَرُ وَالطِّينُ إِلَى نُوحٍ وَسُخِّرَتْ لَهُ، فَحَمَلَ مِنْهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَرَكِبُوا فِيهَا لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَبٍ، وَكَانَ ذَلِكَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ آبَ، وَخَرَجُوا مِنْهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَلِذَلِكَ صَامَ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَكَانَ الْمَاءُ نِصْفَيْنِ: نِصْفٌ مِنَ السَّمَاءِ وَنِصْفٌ مِنَ الْأَرْضِ، وَطَافَتِ السَّفِينَةُ بِالْأَرْضِ كُلِّهَا لَا تَسْتَقِرُّ حَتَّى أَتَتِ الْحَرَمَ فَلَمْ تَدْخُلْهُ، وَدَارَتْ بِالْحَرَمِ أُسْبُوعًا، ثُمَّ ذَهَبَتْ فِي الْأَرْضِ تَسِيرُ بِهِمْ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى الْجُودِيِّ، وَهُوَ جَبَلٌ بِقَرْدَى بِأَرْضِ الْمَوْصِلِ، فَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ، فَقِيلَ عِنْدَ ذَلِكَ: ﴿بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ٤٤]، وَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ قِيلَ: ﴿يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ﴾ [هود: ٤٤]، نَشَّفَتْهُ الْأَرْضُ، وَأَقَامَ نُوحٌ فِي الْفُلْكِ إِلَى أَنْ غَاضَ الْمَاءُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا اتَّخَذَ بِنَاحِيَةٍ مِنْ قَرْدَى مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ مَوْضِعًا وَابْتَنَى قَرْيَةً سَمَّوْهَا ثَمَانِينَ؛ وَهِيَ الْآنَ تُسَمَّى بِسُوقِ الثَّمَانِينِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّنْ مَعَهُ بَنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا، وَكَانُوا ثَمَانِينَ رَجُلًا.
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّوْرَاةِ: لَمْ يُولَدْ لِنُوحٍ إِلَّا بَعْدَ الطُّوفَانِ.
1 / 66