Le Complet dans l'histoire
الكامل في التاريخ
Enquêteur
عمر عبد السلام تدمري
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
Histoire
وَفِي يَدِهِ عَنَزَةٌ، وَهِيَ الْحَرْبَةُ الصَّغِيرَةُ، فَلَمَّا رَآهُ مُوسَى سَجَدَ لَهُ مِنَ الْفَرَقِ. فَقَالَ لَهُ: لَا تَسْجُدْ لِي وَلَكِنِ اتَّبِعْنِي، فَهَدَاهُ نَحْوَ مَدْيَنَ. وَقَالَ مُوسَى وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَيْهَا: ﴿عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢] . فَانْطَلَقَ بِهِ الْمَلَكُ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مَدْيَنَ، فَكَانَ قَدْ سَارَ وَلَيْسَ مَعَهُ طَعَامٌ، وَكَانَ يَأْكُلُ وَرَقَ الشَّجَرِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْمَشْيِ، فَمَا بَلَغَ مَدْيَنَ حَتَّى سَقَطَ خُفُّ قَدَمِهِ. ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ﴾ [القصص: ٢٣]- قَصَدَ الْمَاءَ - ﴿مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ [القصص: ٢٣]، أَيْ تَحْبِسَانِ غَنَمَهُمَا، وَهُمَا ابْنَتَا شُعَيْبٍ النَّبِيِّ، وَقِيلَ: ابْنَتَا يَثْرُونَ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي شُعَيْبٍ، فَلَمَّا رَآهُمَا مُوسَى سَأَلَهُمَا: ﴿مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣] . فَرَحِمَهُمَا مُوسَى فَأَتَى الْبِئْرَ فَاقْتَلَعَ صَخْرَةً عَلَيْهَا كَانَ النَّفَرُ مِنْ أَهْلِ مَدْيَنَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْفَعُوهَا فَسَقَى لَهُمَا غَنَمَهُمَا، فَرَجَعَتَا سَرِيعًا، وَكَانَتَا إِنَّمَا تَسْقِيَانِ مِنْ فُضُولِ الْحِيَاضِ. وَقَصَدَ مُوسَى شَجَرَةً هُنَاكَ لِيَسْتَظِلَّ بِهَا فَقَالَ: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: ٢٤]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ قَالَ مُوسَى ذَلِكَ وَلَوْ شَاءَ إِنْسَانٌ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى خُضْرَةِ أَمْعَائِهِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ لَفَعَلَ وَمَا سَأَلَ إِلَّا أَكْلَةً.
فَلَمَّا رَجَعَ الْجَارِيَتَانِ إِلَى أَبِيهِمَا سَرِيعًا سَأَلَهُمَا فَأَخْبَرَتَاهُ، فَأَعَادَ إِحْدَاهُمَا إِلَى مُوسَى تَسْتَدْعِيهِ، فَأَتَتْهُ، وَقَالَتْ لَهُ: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ [القصص: ٢٥] . فَقَامَ مَعَهَا، فَمَشَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَضَرَبَتِ الرِّيحُ ثَوْبَهَا فَحَكَى عَجِيزَتَهَا، فَقَالَ لَهَا: امْشِي خَلْفِي وَدُلِّينِي عَلَى الطَّرِيقِ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَنْظُرُ فِي أَعْقَابِ النِّسَاءِ.
فَلَمَّا أَتَاهُ ﴿وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٢٥] . قَالَتْ إِحْدَاهُمَا، وَهِيَ الَّتِي أَحْضَرَتْهُ: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦] . قَالَ لَهَا أَبُوهَا: الْقُوَّةُ قَدْ رَأَيْتِهَا فَمَا يُدْرِيكِ بِأَمَانَتِهِ؟ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنَ الْمَشْيِ خَلْفَهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُوهَا: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي﴾ [القصص: ٢٧]- نَفْسَكَ - ﴿ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ﴾ [القصص: ٢٧] . فَقَالَ لَهُ مُوسَى: ﴿ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ [القصص: ٢٨] . فَأَقَامَ عِنْدَهُ
1 / 155