Le Complet dans l'histoire
الكامل في التاريخ
Chercheur
عمر عبد السلام تدمري
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
Histoire
الْقَوْلُ فِيمَا خُلِقَ بَعْدَ الْقَلَمِ
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ - بَعْدَ الْقَلَمِ، وَبَعْدَ أَنْ أَمَرَهُ فَكَتَبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - سَحَابًا رَقِيقًا، وَهُوَ الْغَمَامُ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ «سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ الْعَقِيلِيُّ: أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ؟ فَقَالَ: فِي غَمَامٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ» . وَهُوَ الْغَمَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ [البقرة: ٢١٠] .
قُلْتُ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمُ، وَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ. فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ بَعْدَ الْقَلَمِ، وَبَعْدَ أَنْ جَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ سَحَابًا، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ آلَةٍ يُكْتَبُ بِهَا، وَهُوَ الْقَلَمُ، وَمِنْ شَيْءٍ يُكْتَبُ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ هَهُنَا بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ ثَانِيًا لِلْقَلَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ذِكْرَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ مَفْهُومِ اللَّفْظِ بِطَرِيقَةِ الْمُلَازَمَةِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ خَلَقَ اللَّهُ بَعْدَ الْغَمَامِ، فَرَوَى الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَرْشُ، فَاسْتَوَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ قَبْلَ الْعَرْشِ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ فَوَضَعَهُ عَلَى الْمَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ الْقَلَمِ الْكُرْسِيُّ، ثُمَّ الْعَرْشُ، ثُمَّ الْهَوَاءُ، ثُمَّ الظُّلُمَاتُ، ثُمَّ الْمَاءُ فَوَضَعَ الْعَرْشَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَاءَ خُلِقَ قَبْلَ الْعَرْشِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَاءَ كَانَ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ حِينَ خُلِقَ الْعَرْشُ ; قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ خُلِقَا قَبْلَ الْعَرْشِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْقَلَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا بِأَلْفِ عَامٍ.
1 / 19