Le Complet Éclairé (Première Partie)
الكامل المنير(المقدمة + الجزء الأول)
Genres
وقال:{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه}[الشورى/13]؛فأمر تبارك وتعالى بإقامة دينه وشرائعه فقال:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}[الماائدة/44]، و{الظالمون}[الماائدة/45]، و{الفاسقون}[الماائدة/47]، فكانت أنبياء الله ورسله عليهم السلام أمناءه على وحيه، وحجته على خلقه، وشهداؤه بإبلاغ رسالته، مستحفظين لكتابه، مستودعين على أسراره، مستودعين ما استودعوا، أوصياء مرضيين، أمناء منتجبين، حججا له على أممهم من بعدهم، فكان النبي يوصي إلى الوصي بعد وفاته بعلم ما تحتاج إليه أمته بعد انقضاء أجله، لئلا يدرس الدين، ولا تبدل أحكام رب العالمين فيجيء ذلك الوصي ما أوصى به إليه ذلك النبي يسير بسيرته، ويهدي بهديه، ولولا ذلك لدرست الأعلام، ولبدلت الأحكام، ولا عرف الحلال من الحرام، حتى إذا أفضت النبوة إلى خاتم النبيئين، والحجة على الخلق أجمعين، والشاهد عليهم يوم الدين [محمد](1) صلى الله عليه وآله وسلم دعا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، صابرا على الأذى، محتملا للبلاء، مخالفا في الله الأقرباء، دعا عشيرته الأقربين(2)، وأعم بالدعوة جميع الخلق أجمعين، فكان أول من أجابه وصدقه أخوه المرتضى(3)، وابن عمه المهتدي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، المواسي له بنفسه، الضارب دونه بسيفه، [الممتحن بالنوم على فراشه، يقيه الحتوف بنفسه](4)، وكان ذلك أخص الخلق به، وأكثرهم عنده منزلة، يفضي إليه بسره، ويشركه دون الخلق في جميع أمره؛ حتى إذا دنا حمامه، وانقضت أيامه بعد كمال الدين، والنصحة لرب العالمين، قصد بالوصية؛ فصد دليله ليوضح لأمته من بعده منهاج سبيله، أقام أخاه علما لأمته، واستودعه ما استودعه الله من علمه وحكمته، متبعا بذلك سنن النبيين الذين خلوا من قبله لقول الله تبارك وتعالى:{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}[الأنعام/90]؛ فاقتدى بهدي إبراهيم ويعقوب وجميع النبيين في الوصية لقوله:{ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}[البقرة/132].
وقال:{ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم}[النساء/131].
وقال تبارك وتعالى فرضا على عباده:{كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين * فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم}[البقرة/180-181].
وقال:{شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم}[المائدة/106].
وقال عز وجل في وصية المواريث:{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}[النساء/11].
وقال:{من بعد وصية توصون بها أو دين}[النساء/12].
وقال فيما افترض على النساء:{من بعد وصية يوصين بها أو دين}[النساء/12].
فلما أنزل الله تبارك وتعالى الوصية في غير آيه، وافترضها على عباده، وأمرهم بها، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحق الخلق وأولاهم بأن يأخذ بما افترض الله عليه، وأن يفضي بما قلده الله وأسند إليه من يقوم مقامه فيهم(1)؛ وهو قول الله تبارك
Page 78