82

Le Complet en langue et en littérature

الكامل في للغة والأدب

Chercheur

محمد أبو الفضل إبراهيم

Maison d'édition

دار الفكر العربي

Numéro d'édition

الطبعة الثالثة ١٤١٧ هـ

Année de publication

١٩٩٧ م

Lieu d'édition

القاهرة

للحسن البصري في المواعظ وحدثت أن راهبين دخلا البصرة من ناحية الشام، فنظرا إلى الحسن البصري، فقال أحدهما لصاحبه: مل بنا إلى هذا الذي كأن سمته سمت المسيح، فعدلا إليه، فألفياه مفترشًا بذقنه ظاهر كفه، وهو يقول: يا عجبًا لقوم قد أمروابالزاد، وأوذنوا بالرحيل، وأقام أولهم على آخرهم! فليت شعري ما الذي ينتظرون؟ ونظر الحسن إلى الناس في مصلى البصرة يضحكون ويلعبون في يوم عيد، فقال الحسن: إن الله جعل الصوم مضمارًا لعباده ليستبقوا إلى طاعته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف آخرون فخابو، ولعمري لو كشف الغطاء لشغل محسنٌ بإحسانه، ومسيءٌ بإساءته عن تجديد ثوب، أو ترطيل شعرٍ. قوله:" ترطيل شعر" إنما تلبين الشعر بالدهن وما أشبهه، ويقال للرجل إذا كان فيه لينٌ وتوضيع: رجل رطلٌ، والذي يوزن به ويكال يقال له: رطلٌ، بكسر الراء. وكان الحسن يقول: اجعل الدنيا كالقنطرة تجوز عيها ولا تعمرها. قوله القنطرة يعني هذه المعقودة المعروفة عند الناس، والعرب تسمي كل أزج١ قنطرة قال طرفة بن العبد: كقنطرة الرومي أقسم ربها ... لتكتنفًا حتى تشاد بقرمد قوله"حتى تشاد" يقول: تطلى، وكل شيء طليت به البناء من جص أو جيار، وهو الكلس، فهو المشيد، يقال: دار مشيدةٌ، وقصر مشيدٌ، قال الله ﷿: ﴿وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ ٢ وقال الشماخ: لا تحسبني وإن كنت امرأً غمرًا ... كحية الماء بين الطين والشيد وقال عدي بن زيد العبادي: شاده مرمرًا وجلله كِْلـ ... ـسًا فللطير في ذراه وكور والمقرمد: المطلي أيضًا، فمن ثم قال: "حتى تشاد بقرمد" في معنى حتى تطلى، ومن ذلك قول النابغة: رابي المجسة بالعبير مقرمد٣

١ الأزج: نوع من الأبينة يطول بناؤه. ٢ سورة النساء ٧٨. ٣ قبله: وإذا طعنت طعنت في مستهدف وانظر ديوانه ٣٢.

1 / 85