Parole sur Riyad Pacha
كلمة على رياض باشا: وصفحة من تاريخ مصر الحديث تتضمن خلاصة حياته
Genres
إذا قال كل الناس أنت مصيب
رياض باشا من أكبر رجالات مصر المعدودين (توفي إلى رحمة الله يوم السبت 20 جمادى الثانية سنة 1329 / 17 يونية سنة 1911 بمدينة الإسكندرية).
كلمة على رياض باشا1
عظماء الرجال هم الأمثلة الحية لمعاني الإنسانية.
فالحكمة، والشجاعة، والبلاغة، واستنباط العلوم، واختراع الآلات، وتدبير المال، وقيادة الجند، وسياسة الملك: كل هذه معان للإنسانية العامة تتقاسمها الأناسي تقاسما متفاوتا حتى تفنى في بعضهم، ولكن هذه المعاني السامية قد نراها مكبرة، معظمة، مجسمة، حتى نكاد نبصرها بالعين ونلمسها باليد في عظماء الرجال: من الفيلسوف، والشجاع، والكاتب، والعالم، والمخترع، والاقتصادي، والقائد، ومدبر أمور الجمهور.
أولئك الذين يظهرون في الوجود في أزمان متباينة وفي أقطار متنائية. أولئك الذين يلقون على أممهم المغتبطة بهم دروسا عالية في الإنسانية الفاضلة، دروسا واضحة جلية، فيجددون ما اندرس فيها من معاني الإنسانية، أو يكملونها فيهم إن كانت ناقصة، أو يظهرونها للعالم على أيديهم إن لم يكن قد سمح بها الزمان.
بمقدار نبوغ العظماء في كل أمة، قلة وكثرة، تكون منزلتها بين الشعوب رفعة وانحطاطا. بل على قدر وجودهم في الدنيا تكون عظمة العالم وتقدمه في مضمار الحضارة والعرفان.
أفلا ترون العالم الراقي مدينا في أخلاقه وحكومته ونظامه وصناعته وتجارته وأسباب رفاهيته إلى أفراد قلائل في الخلائق؟ قد كانت أفكارهم الثاقبة لقاحا للعقول، وأعمالهم الخصيبة بذورا صالحة وأغراسا مباركة لفائدة المجموع.
تلك المعاني الشريفة وتلك القوى الباهرة التي تتجلى على الناس من حين إلى حين في صور أشخاص عظام. وهي إنما تكون كامنة في النفوس المستعدة لهذا الفيض كمون الكهرباء في بعض الأجسام. فكما أن الدلك والحك يثيران الكهرباء، فكذلك تلك المعاني وتلك القوى يثيرها في بعض النفوس عاملان مؤثران:
أولهما:
Page inconnue