Parole sur Riyad Pacha
كلمة على رياض باشا: وصفحة من تاريخ مصر الحديث تتضمن خلاصة حياته
Genres
وإني معتمد عليك في إجراء الإصلاحات التي صممت عليها مؤملا أن تكفل للبلاد جميع التأمينات التي لها الحق في انتظارها والحصول عليها من حكومتنا. ا.ه.
وما دمنا قد جرنا الكلام إلى طرق هذا الموضوع، فإني أستميح العفو من السامعين بذكر مقدمة الأمر الأول الذي صدر في 7 أبريل سنة 1879 لشريف باشا بتشكيل الوزارة على إثر المشاكل المالية والدسائس الأهلية والأجنبية التي وقعت في البلاد.
قال إسماعيل:
إني بصفة كوني رئيس الحكومة ومصريا أرى من الواجب علي أن أتبع رأي الأمة وأقوم بأداء ما يليق بها من جميع الأوجه الشرعية ولكن لما نظرت السير الذي كانت عليه النظارة السابقة حصل لي غاية الأسف من أن ذلك السير كان على غير رضاء الملة والأهالي حتى نشأ عنه اضطراب ونفور سرى في جميع القلوب وحركها وكانت قبل ذلك في غاية الهدوء والسكون ... وقد وكلتكم بتشكيل هيئة النظارة بناء على الإرادة الصادرة في 28 أغسطس سنة 1878 وأن تكون تلك النظارة مشكلة من أعضاء أهليين مصريين يتبعون في سيرهم الطرق المنصوص عليها في الإرادة المذكورة وأن يتحفظوا على مأمورياتهم كل التحفظ إذ إنهم مكلفون بالمسئولية لدى مجلس الأمة الذي سيجري انتخاب أعضائه وتعيين مأموريته بوجه كاف للقيام بتأدية ما يلزم للحالة الداخلية ومرغوب الأمة نفسها ... هذا ولعلمي بحسن إخلاصكم بخدمة الوطن فلا أشك في أن تستعينوا على تلك المأمورية بالرجال المشهود لهم مثلكم بالأمانة والاحترام لدى الجميع لتتم بكم المقاصد المؤدية إلى التمدن والعمارية التي أريد أن يقترن بها اسمي.
هذا هو مبدأ النظام الذي أخذ يتدرج في طريق التقدم والارتقاء إلى الآن. وقد تخلله انتكاس ظاهري أو حقيقي ولكنه لم يدم زمانا طويلا. وذلك أن الاضطرابات التي اقترنت بأواخر حكم إسماعيل وباسمه أوجبت تنحيته عن العرش وقيام ولده الخديو محمد توفيق. فاستعفى شريف كما هي السنة الواجبة في مثل هذه الأحوال. فأصدر الخديو الجديد في 30 شعبان سنة 1296 أمره بإلغاء رياسة مجلس النظار وبأن كل ناظر يكون مسئولا عن جميع الأمور المختصة بنظارته. وهذا نص الإرادة بالحرف الواحد:
بما أن مجلس النظار صار لغوه وإبطاله وتقرر أن كل منستر يكون مسئولا عن الأشغال المنوطة بإدارة نظارته وأن المواد التي كان جاريا تقديمها ورؤيتها بذلك المجلس هذه من الآن فصاعدا يكون النظر فيها بمجلس يجري انعقاده بمعيتنا من النظار تحت رياستنا وكل من النظار إذا وجد عنده أشياء من هذا القبيل يستصحب معه أوراقها ومعلوماتها عند حضوره إلى المجلس لأجل رؤيتها وحصول المداولة عنها حسب اللازم، فعلى هذا وما هو معلوم لدينا فيكم من كمال اللياقة والأهلية قد عيناكم ناظرا على ديوان ...
وأصدرنا أمرنا هذا لكم للمعلومية والمبادرة في مباشرة وإدارة مأموريتكم هذه بكمال الاعتناء والاهتمام على الوجه المرغوب كما هو مطلوبنا. ا.ه.
هذه هي النكسة الارتجاعية التي قالت عنها الجريدة الرسمية (الوقائع المصرية) في ذلك العهد في وصف الخديو توفيق ما نصه:
فلله دره من متفرس يضع الأمور في مواضعها ولا سيما الأمراء ذوو العفة والاستقامة والمقام الرفيع فإن وضعهم في المأموريات الجسيمة دليل على صلاح الأمور وتسهيل كل معسور وقد انشرح بذلك خواطر الجميع فنسأل الله أن يزيل عنا كل ضيم ويتمم الأمور بالخير.
ولكن صناديد مصر الثلاثة لم يكونوا على هذا الرأي. ولذلك لم يشترك أحد منهم في هذه الوزارة الرجعية التي لم تعش سوى أربعة وثلاثين يوما ، ولم تعمل في الحقيقة شيئا. وذلك لأن الخديو استدعى رياضا وطلب منه تشكيل الوزارة المتضامنة على ذلك الأساس الذي شرحناه.
Page inconnue