وعنه أنه لما بعث شريحا على قضاء الكوفة قال انظر فما تبين لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحدا وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه السنة وما لم يتبين لك في السنة فاجتهد فيه رأيك (1) وعن ابن مسعود أنه قال : (من عرض له قضاء فليقض بما في كتاب الله تعالى فإذا أتاه أمر ليس في كتاب الله تعالى فليقض فيه بما قضى رسول الله فإن أتاه أمر ليس في كتاب الله ولم يقض فيه رسول الله فليقض بما قضى الصالحون فإن أتاه أمر ليس في كتاب الله ولم يقض فيه رسول الله ولم يقض فيه الصالحون فليجتهد رأيه.والآثار في هذه كثيرة(1)تشهد بها كتب السير وشاع بين الصحابة التصريح بتقديم الخبر على القياس من غير نكير أحد منهم فكان إجماعا ولأن خبر الواحد (2)أصل للقياس ومستقل بنفسه في إفادة الحكم كنص الكتاب والسنة المقطوع بها والقياس فرع له كما هو فرع للكتاب والسنة المتواترة غير مستقل بنفسه في إفادة حكم فلو قدم القياس عليه لكان تقديما للفرع على الأصل وهو باطل ، وأيضا فإن مقدماته أقل لأنه يجتهد فيه في أمرين : عدالة الراوي ودلالة الخبر والقياس يجتهد فيه في ستة أمور حكم الأصل وتعليله في الجملة وتعيين ظ الوصف المعلل به ووجوده في الفرع ونفي المعارض في الأصل ونفيه في الفرع وهذا إن لم يكن الأصل خبرا آحاديا وإلا وجب الاجتهاد في الأمور الستة مع الأمرين المذكورين في الخبر فلو قدم القياس على الخبر لقدم الأضعف وهو باطل إجماعا وذلك لأن ما يجتهد فيه في مواضع أكثر فاحتمال الخطأ فهي أقوى والظن الحاصل به أضعف.
Page 107