226

Le Gardien

الكافل -للطبري

Genres

وفي السيرة كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره يعني في غار حرا الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا أو نحو من ذلك وكان يأكل المذكى ويركب ففي حديث جبير بن مطعم قال لقد رأيت رسول الله قبل أن ينزل عليه الوحي وإنه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس من بين قومه حتى يدفع معهم منها فقلت هذا رجل أحمس فما باله لا يقف مع الحمس(1) حيث يقفون وحل الركوب إنما طريقه الشرع وأيضا فقد ثبت أن دعوة الأنبياء عليهم السلام عامة إلى جميع الخلق فيجب دخوله في ذلك وهذا يوجب كونه متعبدا بشريعتهم قلنا لم ينقل ذلك إلا بالآحاد ولا يعمل بها في مسائل الاعتقاد كما سبق وأكل المذكى يستحسنه العقلاء إذا ذكاه غيره إذ ينتفع به بلا ضرر عاجل ولا آجل واستعمال البهائم غير المجحف بها مع تحمل علفها والقيام بمصالحها يجري مجرى تدبير ولي الصبي لأمره فلا يحتاج إلى السمع وأما الحج والاعتمار والطواف فلا يقبح عقلا لأنه يجوز أن يفعله لغرض صحيح من الاسترواح وتقوية البدن ولو سلم قبحه لم يقطعه بكبره والنبي إنما تجب عصمته عن الكبائر قبل البعثة وبعدها وعموم دعوة الأنبياء غير مسلم ولو سلم فأين الطريق إلى ذلك ؟ ولذا قال أئمتنا وجمهور المعتزلة وبعض الفقهاء :(المختار أن النبي لم يكن قبل البعثة متعبدا بشرع) من شرع من قبله من الأنبياء عليهم السلام ولا يجوز أن يعلمه بالأخبار لعلمه باختلاف اليهود والنصارى ونفيهم الوحدانية عن الله تعالى وتحريفهم الكتابين من زمن داود وعيسى كما نطق به القرآن(1) ولعدم مخالطته وسؤاله إياهم إذ لو كان لنقل كما نقل سائر أحواله ولكان من أعظم المنفرات عنه والتحريف وإن لم يكن في جميع الكتب المنزلة فجهل موضع المحرف يمنع الاستدلال بجميعه كاشتمال كتاب حديث على حديث موضوع مجهول موضعه وأيضا قال تعالى ?وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان? [الشورى 52]أي ما كنت تدري بذلك لولا ما أوحينا إليك فدل على أنه لم يكن متعبدا بشريعة قبل شريعته والمراد بالإيمان قبل الوحي التصديق بالشرعيات والكتب المتضمنه لها لا أن المراد بها التصديق بالربوبية والإقرار بالوحدانية فهو كان منطويا على ذلك من لدن كمال عقله ولا بد وأن يقوم بما كلفه من ذلك بالدلالة العلقلية وفائدة هذه المسئلة علمية وهي العلم بما كان عليه من الأعمال والتكليف قبل البعثة فجرى ذلك مجرى العلم بأحواله قبل البعثة ولا يتعلق بنا من ذلك تكليف

(و) أما بعد البعثة فمختار الأخوين والمنصور بالله عليهم السلام وبعض الفقهاء (أنه بعدها متعبد بما لم ينسخ من الشرائع فيجب علينا) التأسي به و(الأخذ بذلك) الشرع المتقدم (عند عدم الدليل) من الكتاب والسنة والإجماع (في شريعتنا) المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وعلى آله

Page 258