جُزْءٌ تُحْفَةُ عِيْدِ الْفِطْرِ
تَألِيفُ الشَّيخُ الإمامُ أبي الْقَاسِم زَاهِر بنِ طَاهِر بن
مُحَمَّد الشَّحّاَمِيُّ المُعدِّل
(٤٤٦ - ٥٣٣)
رِوايةُ الشَّيخ الإمام الحافِظ أبي القاسم
عليِّ بن الحَسَن بن هِبة الله بن عبد الله
(ابْنُ عَسَاكِر)
حَقَّقَهُ وَضَبطَ نُصُوصَهُ وَخرَّجَ أحَادِيثَهُ
د. عبد العزيز مختار إبراهيم
أستاذُ الحديثِ المُشارِكِ بِكُلِّيةِ التَّربيةِ
جَامِعَةِ المَلِك سُعُود بالرِّياض
Page inconnue
- هـ -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ لله وَحْدَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى مَنْ لا نبيَّ بعدَهُ، وبَعْدُ:
فَإنَّ مِن أعظمَ ماتُبذلُ فيه الأوَقاتُ والأعَمارُ، إحياء كُتبِ الثُرَاثِ ونَشْرِها، وَخَاصَةً مَاكانَ منها مُتعلِّقًا بحديث الرَّسُولِ ﷺ، وآثاره المباركة، إذ لاحياةَ للأمَّةِ إلا بالرُّجوعِ إليها، والنَّهلِ من معينها الصَّافي، والعمل بها ظاهرًا وباطنًا، قَالَ الله تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (النِّسَاء:٦٥)، وقَالَ ﵊،: " إنِّي قَد تَركتُ فيكُمْ شيئينِ، لنْ تضِلُّوا بعدهُما: كِتابَ اللهِ، وسُنَّتي، وَلنْ يتَفرَّقا حتَّى يرِدا عليَّ الحَوْضَ" (١).
فهذا الكتابُ المبارك الذي نُقدِّمه اليَوْمَ، وهو من كُتُبِ السَّلف الصَّالح، " جُزْء تُحْفَةِ عِيْدِ الْفِطْرِ "، للإمام الحَافظ، زَاهِر بن طَاهِرالشَّحَّاميِّ - يَرْحَمُهُ الله -ويرجعُ الفَضْلُ في تحقيقه وتخريجه -بعد الله- لأخينا الفاضل سعادة الدكتور علي بن عبد العزيز الشِّبل- وَفَّقهُ الله - حيث تفضَّل عليَّ بتصوير أصله المخطوط بالمكتبة الظَّاهرية
_________
(١) أخرجه الحَاكِم ُفي المستدرك، (٣١٩)،والبيهقيُّ في الكبرى (٢٠٣٣٧) والدَّارقُطنيُّ (٤٥٢٥)،من حديث أبي هُرَيرَةَ، وسكت عنه الحاكِمُ والذَّهبيُّ. وله شاهدٌ من حديث ابن عبَّاس، أخرجه الحاكِمُ أيضًا (٣١٨،وصححه، ووافقه الذَّهبيُّ. انظر: صحيح الجامع، (٢٩٣٧)،والسلسلة الصحيحة، (١٧٦١).
المقدمة / 5
- و-
بدمشق، ذي الرَّقم، (٨١: ١٩٠ - ١٩٨) (١)، فلما قرأتُه وجدتُه جديرًا بالتَّحقيق والتَّخريج، وشجعني على ذلك جودة النُّسخة، حيث كُتبت بخط واضح بيِّن إلا بعض المواضع القليلة الَّتي استدركتها من الأصول عند التَّحقيق، ولله الحمْدُ والمنَّة أولًا وأخيرًا، ويتلخص عملي في الآتي:
(١) نسختُ المخطُوط بالخطِّ العَربيِّ المُعْتاد.
(٢) رقمتُ أحاديث الكتاب وآثاره ترقيمًا تسلسليًا.
(٣) عرَّفتُ بالكتاب، وموضُوعِه، ووصفٌ مُختصر للمخطُوطِ.
(٤) كما عرَّفتُ أيضًا بمؤلفه العلاَّمة زَاهِر بن طاهِر الشَّحَّاميِّ.
(٥) ضَبطتُ بالشَّكل جميع الأحَادِيثِ والآثاروالأعَلام بالشَّكَّلِ قَدْرالإمكان.
(٦) قد يهمِلُ المُصنِّفُ، الصلاةُ علي النَّبيِّ، ﷺ، والترضي عن الصحابة، ﵁، لقلة الورق ووسائل الكتابة في عهدهم، فصليتُ على النَّبيِّ ﷺ، كلما ذُكر اسمه، كما ترضيتُ عن الصحابيِّ كذلك.
(٧) خرَّجتُ الأحاديث والآثار الوارِدة في الكتاب، من كُتُب السُّنة، والصحاح والمسانيد، والمُصَنَّفات والمعاجم، والأجزاء الحديثية وغيرها.
(٨) قدَّمتُ في التخريج طريق المصنِّف أولًا، إن وُجد، ثم الصحيحين، ثم بقية الكتب الستة، ثم بقية المصادر الأخرى، دون إلتزام معين.
(٩) درستُ أسانيد الأحاديث، دارسة وافية بحيث ترجمتُ لكل راوٍ من رواته- سوى الصَّحابة رضوان الله عليهم - ونقلتُ كلام علماء الجرح والتعديل فيه، وذكرتُ ثلاثًا من شيوخه، وتلاميذه (إن وُجِدُوا) لمعرفة الاتصال والانقطاع في السند.
(١٠) أذكرُ في كل راوٍ من الرواة خلاصة ما قيل فيه من جرحٍ وتعديل، من علماء الاختصاص، مع الإحالة إلى أهم مصادر الترجمة في ذلك.
_________
(١) وانظر: فهرس مخطوطات الظاهرية للشيخ ناصر الألباني، ﵀ (٥/ ٣١٧).
المقدمة / 6
- ز -
(١١) حكمتُ على كُلِّ حديث أو أثر بما يناسب حاله- حسب ما ظهر لي- من حيث القبول أو الرَّد، مستشهدًا ومستأنسًا بكلام مَنْ سبق من علماء الحديث.
(١٢) شرحتُ الألفاظ الغريبة الوارِدة في متن الحديث، وذلك بالرُّجُوع إلى كتب الغريب، وشُروح السُّنَّة.
(١٣) ختمتُ البحث بذكر أهم النتائج التي توصلتُ إليها.
(١٤) وأخيرًا ذيلتُ الكتاب بفهرس للأحاديث والآثار، مُرتبًا على حروف المُعجم، مع بيان درجته، وفهرس للرُّواة المترجم لهم، ذاكرًا خلاصة القول فيهم، جرحًا وتعَدِيلًا، وفهرس آخر للمراجع والمصادر، والله الهادي إلى سَواء السَّبيل.
المقدمة / 7
- ط -
التَّعرِيف بالبحث:
الجُزءُ في اصطلاح المُحدِّثين: أن يَعمَد المؤلف إلى جمع مروياتِ واحدٍ من الصَّحابة، أو مَنْ بعدهم في جزءٍ، أو يعمد إلى جمع طُرُق حديثِ ما برواياته المتعددة، والحكم عليه ونحو ذلك.
قال الكَتَّانيُّ: " والجزءُ عندهم تأليف الأحاديث المروية عن رجلٍ واحدٍ من الصحابة، أو مَنْ بعدهم" (١).
وقال الدكتور محمُود الطَّحان: "والجزءُ الحديثيّ في اصطلاح المُحدِّثين يعني كتابًا صغيرًا يشتمل على أمرين:
١ - إما جمع الأحاديث المروية عن واحدٍ من الصَّحابة، أو مَنْ بعدهم.
٢ - وإما جمع الأحاديث المتعلقة بموضوعٍ واحدٍ، على سبيل البسط والاستقصاء" (٢).
فالأجزاء الحديثية لها مكانة رفيعة عند أهل هذا الشأن من المختصين في علوم الحديث، لاشتمالها على أحاديثَ وأسانيدَ وطُرق، يندر وجودها في غيرها، كما أنها أيضًا من مصادر السُّنَّة المُطهرة. (٣).
_________
(١) انظر: الرسالة المستطرفة (ص٨٦).
(٢) انظر: أصول التخريج (ص١٢١).
(٣) انظر: أمثلة لذلك الأحاديث (٥٣)، (٥٧)، (٥٨)، (٦٢)، (٦٣).كما أنها أيضًا اشتملت على أحاديث لبعض الأئمة من المصنِّفين في الحديث، رُويت عنهم في هذا الجزء، ولا توجد في مصنَّفاتهم الموجودة، ومن الأمثلة على ذلك، انظر: الحديث (٢).
المقدمة / 9
- ي -
وهذا الجُزء،"جُزْء تُحْفَةِ عِيْدِ الْفِطْرِ" للعلاَّمة زَاهِر بن طاهِر الشَّحَّاميِّ-رحمه الله تعالى- قصد به مؤلفه جمع الأحاديث الواردة في عيد الفطر، وقد بلغت الأحاديث والآثار فيه، ثلاثة وستين حديثًا مُسندًا، (٦٣) تناول فيه مؤلفه أحكام العيدين بصفة عامة، وأحكام عيد الفطر بصفة خاصة، مثل ثبوت رؤية هلال شهر شوال، والحكم إذا غُمَّ الهلال، وحكم صيام الستّ من شوال، وكيفية الخروج إلى صلاة العيد، والرجوع منه، وأنَّ السُّنَّة ألا يخرج للفطر إلا بعد أن يطعم، وفي عيد النحر السُّنَّة ألا يطعم حتى يطعم من أضحيته، وحكم زكاة الفطر، ومقدارها، وعلى من تجب، والحكمة من فرضيتها، ووقت إخراجها، ووقت الخروج إلى العيد، وصفة ذلك، والتجمُّل له، ومكان صلاة العيد، وحكم التهليل والتكبير فيه، وتحريم صوم يومي العيدين، والغسل والطيب فيهما، وبيان اللهو المباح فيهما، وصفة صلاة العيدين، وحكم الأذان والإقامة فيهما، والحكم إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، وحكم صلاة العيد، وصفة ذلك، وأحكام ذلك، والقراءة فيهما والسُّنَّة في ذلك، وحكم صلاة النَّافلة قبله وبعده، وكيفية التهنئة بالعيد، وحكم حضور النِّساء لصلاة العيد، وإتيان الإمام النِّساء في المصلى ووعظهنَّ، وحكم الاستماع إلى الخطبة، والإذن لمن أراد أن ينصرف بعد الصلاة، وغير ذلك من أحكام العيد.
المقدمة / 10
- ك -
المؤلفات في العِيدين:
المُؤلفات التي أفردت بجمع أحاديث العيدين ليست بكثيرة، وإن وُجدت الأحاديث والآثار المتعلقة بالعيدين، في أغلب مؤلفات السُّنَّة المختلفة، من الصححاح، والسُنن، والمسانيد والمصنَّفات، وغيرها من دواوين السُّنة المختلفة، فمن المؤلفات المفردة بأحكام العيدين:
(١) كتاب العِيدين للحافظ ابن أبي الدنيا، عبد الله بن مُحَمَّد بن عُبيد البغداديِّ، المتوفى سنة (٢٨١) (١).
(٢) كتاب صلاة العِيدين للإمام الحافظ الحُسَيْن بن إسْمَاعِيل أبو عبد الله المَحَامليُّ، المتوفى سنة (٣٣٠) (٢).
(٣) كتاب العِيدين للحافظ الهرويِّ، عبد بن أحمد السَّماك، المتوفى
سنة (٤٣٤) (٣).
(٤) أحكام العيدين للإمام الحافظ أبي بكر الفريابيّ، جعفر بن مُحَمَّد بن
_________
(١) انظر: السير (١٣/ ٤٠٣)،وعمدة القاري (٥/ ٣٦٦).
(٢) وكتابه هذا مخطوط، وقد أوقفني على نسخة مصورة من مكتبة الظاهرية، زميلنا سعادة الأستاذ الدكتور محمد التركي.
(٣) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٧/ ٥٦٠).
المقدمة / 11
- ل -
الحسن، المتوفى سنة (٣٠١) (١).
(٥) تحفة عيد الأضحى للإمام الحافظ الشَّحَّاميِّ، زَاهِر بن طَاهِر
الشَّحّاَمِيُّ، المتوفى عام (٥٣٣) (٢).
أمَّا المؤلفات المُسَلْسَلة في العِيدين، فليست بكثيرة كذلك، فمنها:
(١) مُسَلْسَل العِيدين للخطيب البغداديِّ، المتوفى سنة (٤٦٣) (٣).
(٢) مُسَلْسَل العِيدين للحافِظ مُحَمَّد بن عبد العزيز الكِتَّانيِّ، المتوفى عام (٤٦٦) (٤).
(٣) الأحاديث العِيدية المُسَلْسَلة للحافظ أبي طاهر السِّلفيِّ، المتوفى عام (٥٧٦)، (مخطوط).
(٤) مُسَلْسَل العِيدين، لثابت بن مشرف بن أبي سعد البغداديِّ، المعروف بابن شستان المتوفى سنة (٦١٩) (٥).
(٥) مُسَلْسَل العِيدين لابن قدامة المقدسيِّ، المتوفى عام (٦٢٠) (٦)
_________
(١) وهو أشمل هذه الكتب وأكثرها مادة علمية، وقد طبع الكتاب محققًا، مع تخريج أحاديثه وآثاره، قام به الباحث الشَّيخ مُساعد بن سليمان راشد، وطبع الطبعة الأولى بمؤسسة الرسالة ببيروت، عام (١٤٠٦)،وبلغت أحاديثه وآثاره (١٨٤)،ما بين حديث وأثر.
(٢) وهو غير كتابنا هذا، انظر: السير (٢٠/ ١١).
(٣) وهو مطبوع بتحقيق مجدي السيد، ط مكتبتي الفوائد والرشد، ط١ (١٤١٦).
(١) انظر: فهرس مخطوطات الظاهرية للشيخ الألباني، ﵀ (ص:٣١٨).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: المصدر السابق أيضًا (ص:٩٨).
المقدمة / 12
- م -
التَّعرِيف بالمُؤلِّف:
اسْمُهُ وكُنْيَتهُ:
هو: الإمَامُ الحافظُ أبو الْقَاسِم، زَاهِر بن طَاهِر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُفِ بن مُحَمَّد بن مَرْزُبان بن عَليِّ النَّيسابُوريُّ الشَّحّاَمِيُّ المُستَّمليُّ الشُّروطِّيُّ (١).
مولده:
وُلد ﵀ في الرَابع عشر من ذي القعدة سنة سِتّ وأربعين وأربعمائة من الهجرة النَّبوية. (٢).
_________
(١) انظر مصادر ترجمته في:
الأعلام للزركلي، (٣/ ٤٠)، البداية والنهاية، (١٦/ ٣٢٢)، تأريخ الإسلام للذَّهبي، (٣٦/ ٣١٦)، تأريخ بروكلمان، (٣/ ٦١٦)، الرسالة المستطرفة، (ص١٠٠)، سير أعلام النبلاء، (٢٠/ ٩)، شذرات الذهب، (٦/ ١٦٨)، العبر في خبر من غبر، (٢/ ٤٤٥)، غاية النهاية (١/ ٢٨٨)،الكامل في التأريخ، (٨/ ٣٦٥)،كشف الظنون، (١/ ٣٧٠)،لسان الميزان، (٣/ ٤٨٩)،المستفاد من ذيل تأريخ بغداد (ص:٨٧)، المغني في الضعفاء = = (١/ ٣٦٠)،المنتخب من السِّياق، (٢٢٩)،المنتظم لابن الجوزي، (١٧/ ٣٣٦)،ميزان الاعتدال، (٢/ ٦٤)،هدية العارفين، (٦/ ٣٧٢)،الوافي بالوفيات، (١٤/ ١٦٧)،وغيرها.
(٢) انظر: السير، (٢٠/ ٩)، والمستفاد، (ص: ٨٨).
المقدمة / 13
- ن -
نشأته:
اعتنى به والدُه (١) منذ الصغر، فسَمَّعه الحديث، وهو في الخامسة من عُمره (٢)، قَالَ الدِّمياطيُّ: "بَكَّر به أبُوه، فأسمعه من أبي سَعْد مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن الكَنْجَروذِيُّ ... " (٣).
شيوخه:
تتلمذ الإمامُ زَاهِرُ الشَّحَّاميُّ عَلَى شُيوخ عدَّة، من أشهرهم، والدُه، وأبو يَعْلَى المَوْصِليُّ، وأبو بَكْر البَيهَقِيُّ، وسَعِيد بن منصور القُشيريُّ، وعُثْمَان بن سَعِيد الحِيريُّ، وأبو سَعد الكَنْجَروذِيُّ، ومُحَمَّدُ ابن أَحْمَد بن حَمْدَون، وأبو يَعْلَى الصَّابونيُّ، ومُحَمَّدُ بن الْحَسَن المنقريُّ، وأَحْمَد بن منصورالمغربيُّ، وأبو صالح المؤذِّن، وأَحْمَدُ بن إبراهيم المُقرئ، وغيرهم (٤).
تلاميذه:
وتتلمذ عليه جماعةٌ من أكابر العُلماء، منهم أبو موسى المدينيُّ، والسَّمعانيُّ، صاحب كتاب "الأنساب"، وابن عساكرالدِّمشقيُّ، وصاعد ابن رجاء، ومنصور بن
_________
(١) كان من كبارعلماء الحديث، روى عَنْه ابنه زاهركما سيأتي، له ترجمة في سير أعلام النبلاء، (١٨/ ٤٤٨).
(٢) انظر: السير، (٢٠/ ٩).
(٣) انظر: المستفاد من ذيل تأريخ بغداد، (ص:٧٨).
(٤) انظر: السير، (٢٠/ ١٠)، وتأريخ الإسلام، (٣٦/ ٣١٧)، والمستفادللدمياطي، (ص:٨٧) ٠
المقدمة / 14
- س -
أبي الْحَسَن الطَّبَريُّ، وعليُّ بن الْقَاسِم الثَّقفيُّ، وعبد الباقي بن عُثْمَان الهمدانيُّ، وزاهر بن أَحْمَد الثَّقفيُّ وجماعة (١).
منزلته ومكانته العلمية:
للإمَام الشَّحَّاميِّ منزلةٌ عظيمةٌ، ومكانةٌ عاليةٌ، بين العُلماء، فهو من كبار عُلماء الحديث، قَالَ الذَّهبيُّ:"واستملى على جماعة، وخرَّج وجمع، وانتقى لنفسه السُّباعيات، وأشياء تدلُّ على اعتنائه بالفنِّ ... وكان ذا حُبٍّ للرواية، فَرَحل لمَّا شَاخَ، وروى الكثير ببغداد وبهَرَاة، وأصْبهان، وهَمَذان، والحجاز ونَّيسابُور، ... وأملى نحوًا من ألف مجلس، وكانَ لا يملُّ من التَّسميع" (٢).
وقَالَ أيضًا:" وكانَ خبيرًا بالشُّروطِ (٣)،وعليه العُمدة في مجلس
الحُكم ... " (٤).
وقَالَ أيضًا: " ... وصارَ له أُنس بالحديث، وكانَ ذا نهمة في تسميع حديثه، رحل في بذله كما يرحل غيرُه في طلب الحديث، وكان لايضجر من القراءة" (٥).
_________
(١) انظر: السير، (٢٠/ ١٢)، وتأريخ الإسلام، (٣٦/ ٣١٩) ٠
(٢) انظر: السير، (٢٠/ ١١، ١٠).
(٣) والشُّرُوط: علمٌ يبحث عَنْ كيفية ثبت الأحكام عَنْد القاضي، والشُّروطيُّ: من يتولى كتابة الصِّكاك والسِّجِلات، انظر: مفتاح السعادة (١/ ٢٧٢)، والأنسباب للسمعاني (٧/ ٣٢١).
(٤) انظر: السير، (٢٠/ ١٢)، وتأريخ الإسلام، (٣٦/ ٣١٨) ٠
(٥) انظر: تأريخ الإسلام، (٣٦/ ٣١٨) ٠
المقدمة / 15
- ع -
وقَالَ السَّمعانيُّ: " كانَ مُكثرًا مُتيقِّظًا، ورَدَ علينا مَرْوَ قصدًا للرواية بها، وخرجَ معي إلى أصبهانَ، لاشُغل له إلا الرواية بها، وازدحم عليه الخلقُ، وكانَ يعرف الأجزاء، وجمع ونسخ وعُمِّر ... " (١).
وقَالَ أيضًا:"شيخٌ مُتيقظٌ مُكثرٌ، جمع ونسخ بخطه، وكان صاحب أصول، وعُمِّرحتى حمل عَنْه الكثير، ورَحَل في رواية الحديث ونشره، مثل ما يَرَحلُ الطُّلابُ في جمعه ... وكان صحيح السَّماع كثيره ... " (٢).
ووصفه الصَّفديُّ بقوله: "شَّيخُ وقته في عُلو الإسْنَادِ، والتَّفرُّدِ بالرِّوايات ... كان صدوقًا من أعيان المُعدِّلين الشُّهود بنيسابُور ... " (٣).
ووصفه أيضًا العلاَّمة ابن كثير بقوله: "المُحدِّث المكثر الرَّحال الجوَّال، سمع الكثير، وأملى بجامع نيَّسابُور ألف مجلس ... " (٤).
وقَالَ أبو الْحَسَن الفارسيُّ: "ثقةُ الدِّين، شيخٌ مشهورٌ، ثقةٌ معتمدٌ، من بيت العِلم والزُّهدِ والورعِ والحديثِ، والبراعةِ في عِلمِ الشُّروط والأحكامِ" (٥).
وقَالَ الدِّمياطيُّ: "شيخُ وقته في عُلو الإسْنَادِ ... " (٦).
_________
(١) انظر: السير، (٢٠/ ١١)، وتأريخ الإسلام، (٣٦/ ٣١٨).
(٢) انظر: المستفاد، (ص:٨٧)، ولسان الميزان، (٣/ ٤٩٠) ٠
(٣) انظر: الوافي بالوفيات، (١٤/ ٣٦٠).
(٤) انظر: البداية والنهاية له، (١٦/ ٣٢٢).
(٥) انظر: المنتخب من السِّياق، (٢٢٩).
(٦) انظر: المستفاد، (ص:٨٧).
المقدمة / 16
- ف -
وقَالَ ابن النَّجار: " كانَ صدُوقًا، من أعيان الشُّهود" (١).
مؤلفاته:
للعلاَّمة زَاهِر الشَّحَّاميِّ مُؤلفات عَدِيدة، فكانَ ﵀ ذا حُبٍّ للرِّواية، وله اطَّلاعٌ واسعٌ بالأجزاء الحديثية، وقد ذكر العُلماءُ له من المُصَنَّفات الكثير، فَمِن ذلك (٢):
(١) عَوَالي مَالك.
(٢) عَوَالي ابن عُيَيْنَة.
(٣) عَوَالي ابن خُزَيمَة.
(٤) عَوَالي السَّرَّاج.
(٥) عَوَالي عبد الرَّحمن بن بشر النَّيسابُوريُّ.
(٦) عَوَالي عبد الله بن هاشم.
(٧) تُحفتي الْعِيدَيْنِ (٣).
(٨) المشيخة.
_________
(١) انظر: لسان الميزان، (٣/ ٤٩٠).
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء، (٢٠/ ١١)، وتأريخ الإسلام، (٣٦/ ٣١٨)، والأعلام للزركلي، (٣/ ٤٠)، والرسالة المستطرفة، (ص:١٠٠).
(٣) يعني هذا الكتاب، وكتاب آخر، وهو: تحفة عيد الأضحى. انظر: السير (٢٠/ ١١).
المقدمة / 17
- ص -
(٩) الخُماسِّيات.
(١٠) السُّداسِّيات.
ما قيل فيه من معايب:
أُخِذَ على الإمَامِ الشَّحَّاميِّ ﵀ أنَّه كانَ يخِلُّ بالصَّلاة، وَصَفهُ تلميذُهُ السَّمعانيُّ بقوله: "وكان يُكرِمُ الغُرباء ويُعيرُهم الأجزاء، ولكنه كان يُخِلُّ بالصَّلواتِ إخلالًا ظاهرًا، وَقْتَ خُرُوجِه مَعي إلى أصبهان ... " (١).
وقَالَ الذَّهبيُّ: "صحيح السَّماع، لكنه يخِلُّ بالصَّلاة، فتَرك الرواية عَنْه غَيرُ واحدٍ من الحُفاظ تورعا ً ... " (٢).
وقَالَ أيضًا: "وانتقى لنفسه السُّباعيات، وأشياء تدلُّ على اعتنائه بالفنِّ، وما هو بالماهر فيه، وهو واهٍ، من قِبَلِ دينه ... " (٣).
وقد أجاب عن هذا كله ابن الجوزيِّ بقوله: "ومن الجائز أن يكون به مرض، والمريض يجوز له الجمع بين الصَّلوات، فمن قلة فقه هذا القادح رأى هذا الأمرالمحتمل قدحًا" (٤).
وقَالَ الصَّفَديُّ: "وعُوتب على ترك الصَّلاة، فقَالَ: لي عُذرٌ، وأنا أجمع الصَّلواتِ كُلِّها، ولعلَّه تاب ورجع آخر عمره" (٥).
_________
(١) انظر: السير، (٢٠/ ١١)، والمستفاد، (ص:٨٧)، ولسان الميزان، (٣/ ٤٩٠).
(٢) انظر: السير، (٢٠/ ١٠).
(٣) انظر: الميزان، (٢/ ٦٤)، ولسان الميزان، (٣/ ٤٨٩).
(٤) انظر: المنتظم، (١٧/ ٣٣٧).
(٥) انظر: الوافي بالوفيات، (١٤/ ١٦٧).
المقدمة / 18
- ق -
وقَالَ الحافظُ ابن كثير: "ويُقَالُ إنَّه كان به مرض يكثر بسببه الجمع بين الصَّلوات ... " (١).
وقَالَ الذَّهبيُّ: "ولعله تاب، والله يغفر له" (٢).
وقَالَ الحافظُ: "وقد اعتذر زَاهر عَنْ ذلك بأصبهان، وقَالَ: لي عُذرٌ وأنا أجمع، ويُحتمل أنه كان به سَلسَ البول ... " (٣).
وفاته:
تُوفي العلاَّمة زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميُّ بنيسابُور في العاشر من ربيع الآخر، سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة (٤).
_________
(١) انظر: البداية والنهاية، (١٦/ ٣٢٢).
(٢) انظر: السير، (٢٠/ ١٢).
(٣) انظر: لسان الميزان، (٣/ ٤٩٠).
(٤) انظر: السير، (٢٠/ ١٢)، وتأريخ الإسلام، (٣٦/ ٣١٩)، والبداية والنهاية، (١٦/ ٣٢٢)، والمستفاد، (ص: ٨٨).
المقدمة / 19
- ش -
التعريف بعليِّ بن الحُسين:
هو: عليُّ بن الحُسين بن هبة الله ابن الإمام الحافظ ابن عساكر الدِّمشقي، المولود سنة، سبع وعشرين وخمسمائة، وهومُحدِّث مشهورٌ، سمع من أبيه، فأكثرعَنْه، ومن عمه الضياء بن هبة الله، ومن جد أبويه أبي الفضل يحيى بن عليٍّ القُرشيِّ، وجماعة.
وروى عنه أبو الموهب بن صصريِّ، وأبو الحسن بن الفضل، وأبو مُحَمَّد الرُهاويِّ، غيرهم.
رحل في طلب العلم إلى الحجاز ومصر، وبيت المقدس، قال الذَّهبيُّ:" كان مُحدِّثًا صدوقًا، متوسط المعرفة، مُكرمًا للغُرباء، له أنسة بالحديث ... وصنَّف كتابًا في الجهاد، وأملى مجالس، وخرَّج لنفسه الأبدال العالية، نقاها من مصنَّف والده، وكان يبالغ في التعصُّب لمقالة أبي الحسن الأشعريِّ، من غير أن يحققها، ولي مشيخة الديار النورية بعد أبيه، وإلى أن مات ... ". توفي سنة ستمائة. (١).
_________
(١) انظر: السير، (٢١/ ٤٠٥)،وتذكرة الحفاظ، (٤/ ١٣٦٧).
المقدمة / 21
- ث -
التعريف بالإمام ابن عساكر:
هو: الإمام الحافظ الحُجَّة، مُحدِّث الشّام، عليُّ بن الحسن بن هِبة الله بن عساكِر، أبو القاسم، المعروف بابن عساكر الدِّمشقيّ، صاحب كتاب، "تأريخ دمشق"، وُلد سنة، تسع وتسعين وأربعمائة، وارتحل في طلب العلم إلى العراق وخُراسان، وأصبهان، والكوفة ومكة، وغيرها.
روى عن مُحمَّد بن عليِّ بن أبي العلاء المصَّيصيِّ، وطاهر بن زاهر الشَّحَّاميِّ، وتميم بن أبي سعيد المُؤدِّب، وغيرهم.
وروى عنه ابنه القاسم بن عليٍّ، ومَعْمَرُ بن الفاخر، والحافظُ أبو العلاء العطَّار، والحافظُ أبو سعْدٍ السَّمعانيُّ، وغيرهم.
قال السَّمعانيُّ:" كثيرُ العلمِ، غزيرُ الفضلِ، حافظٌ متقنٌ، ديِّنٌ خَيِّرٌ، حسنُ السَّمْتِ، جمعَ بين معرفة المُتُونِ والأسانيد، صحيحُ القراءة، مُتَثَّبِتٌ مُحتاطٌ ... جمع ما لم يجمعه غيرُهُ، وأربى على أقرانه، دخل نيسابور قبلي بشهرٍ، سمعتُ منه، وسمع مني ... ".
وقال الحافِظ ابن كثير:" أحدُ أكابِر حُفَّاظِ الحديثِ، ومن عُني به سماعًا وجمعًا وتصنيفًا، واطِّلاعًا وحِفظًا لأسانيده ومُتونه، واتقانًا لأساليبه وفنونه .... أكثر في طلب الحديث، من التِّرحال والأسفار، وجاب المُدن والأقاليم والأمصار، وجمع من الكُتب ما لم يجمعه أحدٌ من الحُفَّاظ .... ".
المقدمة / 23
- خ -
وصفه الحافظُ الذَّهبيُّ: بالإمام العلاَّمة الحافظُ الكبيرُ المُجوِّدُ، مُحدِّثُ الشَّام، ثقة الدين ... كان فَهِمًا حافظًا مُتقنًا ذكيًا بصيرًا بهذا الشأن، لايُلحَقُ شأؤه، ولايُشَقُّ غُبارُه، ولاكان له نظير في زمانه". توفي سنة، إحدى وسبعين وخمسمائة. (١).
_________
(١) انظر: المنتظم (١٨/ ٢٢٤)،والسير (٢٠/ ٥٥٤)،وتذكرة الحفاظ، (٤/ ١٣٢٨)،وتأريخ الإسلام (٤٠/ ٧٠)،والبداية والنهاية (١٦/ ٥١٤)،وطبقات الشافعية للسبكي (٧/ ٢١٥)،وشذرات الذهب (٦/ ٣٩٥).
المقدمة / 24
- ذ -
التَّعرِيف بالنسخة الخطية (١):
هذا الكتاب "جُزْء تُحْفَة عِيْدِ الْفِطْرِ" للعلاَّمة الشَّحَّاميِّ، رحمه الله تعالى، اشتمل على ثلاث وستين ما بين حديث مسند وأثر، وأحاديثه وآثاره متفاوتة، ففيها الصحيح، والحسن والضَّعيف، والضَّعيف جدًا، وغير ذلك.
وأصل هذا المخطوط يوجد بالمكتبة الظاهرية بمدينة دمشق برقم ... (٨١: ١٩٠ - ١٩٨) (٢).
ويقع في عشر ورقات، في الورقة الواحدة ثمانية عشر إلى عشرين سطرًا بمقاس (١٤ - ١٦) سم تقريبًا، وعدد كلماتها ما بين (١٠، ١٢)،كلمة في السطر الواحد، وكُتبت بخط جيد واضح، وعليه سماعات، وإجازة لمالكه.
كما كُتب على اللوحة الأولى: وقف بالضيائية بسفح قاسيون.
جُزء تحفة عِيد الفطر، تأليف الشَّيخ الإمام أبي القاسم زاهر بن طاهر بن مُحَمَّد الشَّحَّامي المُعَدِّل.
رواية الشَّيخ الإمام الحافظ أبي القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله عنه.
رواية ابنه الشَّيخ الفقيه العالم الحافظ أبي مُحَمَّد القاسم عنه.
سماع منه ليُوسف بن أبي الفرج بن المهذَّب التنَّوخيِّ الشِّافعيِّ الحمويِّ.
من كتب محمد بن أبي القاسم بن أبي طالب الأنصاريّ، ﵀، وسماعه.
_________
(١) وُجدت بعض الكلمات لم أستطع قراءتها، فتركت مكانها بياضًا.
(٢) وانظر: فهرس مخطوطات الظاهرية للشيخ ناصر الألباني، ﵀ (٥/ ٣١٧).
المقدمة / 25
- ض -
قرأت جميع هذا الجزء على الشيخين: الإمام العالم الحافظ المفيد جمال الدين أبي حامد مُحَمَّد بن العلامة أبي الحسن علي بن محمود المحموديِّ الصابونيِّ.
والعدل شرف الدين أبي عبد الله مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الحي العمري بحق سماعهما من أبي القاسم الحوستاني وبإجازة الأول من أبي روح عبد المعز .... بسماعه من مخرجه، فسمعه صاحبه الولد السعيد المُحدِّث المجتهد نور الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود العطار الدِّمشقيّ، والسيد الشريف شمس الدين أبومُحَمَّد الحسن المظفر بن عبد المطلب الحسيني، وولده مُحَمَّد وشرف الدين عمر بن هلال بن مُوسى الحنفي، ونجم الدين إبراهيم بن محمود بن عامر، وولده علي وكمال الدين أبوعبد الله مُحَمَّد بن عبد الواحد بن أبي بكر الحموي، ونجم الدين يحيى بن عليِّ بن أبي بكر الشَّاطر، وأحمد بن عبد المولى بن حسن الصيرفي، وصح وثبت تحت الساعات بباب جامع دمشق يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان سنة سبع أو تسع وست مئة، وأجازا للجماعة جميع ما يجوز لهما روايته وتلفظا بذلك كتبه عبد الرَّحمن البستي.
صحح ذلك وكتب مُحَمَّد بن عليِّ بن المحمودي ... تأريخه، كذلك يقول مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الحي العمري في تاريخه.
كما كُتب على اللوحة الأولى أيضًا:
الحَمْدُ لله، مُؤلِّف هذا الجُزء هُو: الإمامُ زَاهِر بن طَاهِر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُفِ بن مُحَمَّد بن المَرْزُبان
أبُو القَاسِم الشَّحّاَمِيُّ عن جماعة منهم الحافِظ أبُو بكر البيهقيِّ حديث عنه بال ... الكبير ... عن جماعة من الحُفاظ، منهم أبو القاسِم ابن عساكر الدِّمشقيِّ، والإمام أبو سعد السَّمعانيِّ، وسماعاته صحيحة قال السَّمعانِيُّ: ........... يوم الإثنين الرابع عشر من شهر ربيع الآخر، سنة ست وأربعين وأربع مئة، وتوفي ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
كما توجد سماعات في آخر الكتاب هكذا.
المقدمة / 26