مدونة أحكام الوقف الفقهية

Groupe d'Auteurs d. Unknown
64

مدونة أحكام الوقف الفقهية

مدونة أحكام الوقف الفقهية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م

Genres

ووقف كذلك أوقافًا كثيرة على المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، فهناك عشرات القرى في ضواحي القدس وفي أنحاء مختلفة من فلسطين وخارج فلسطين جارية في وقف الحرم القدسي، وكانت تصرف لخطباء ومدرسين المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة رواتب من الأوقاف، كما مكنت الأوقاف المسجد الأقصى من أن يتحول إلى جامعة من كبريات الجامعات (^١)، كما أن الأوقاف ساهمت في ازدهار الحياة الثقافية في القدس حتى غدت الهمَّ العام لأهل بيت المقدس، وهذا ما يصوره العماد الأصفهاني أجمل تصوير حين قال بعد تحرير بيت المقدس من الصليبين: "فما ترى إلا قارئًا باللسان الفصيح، وراويًا للكتاب الصحيح، ومتكلمًا في مسألة ... وذاكرًا لحكم مذهبي، وسائلًا عن لفظ لغوي ومعني نحوي" (^٢)، وكذلك أكَّد هذا المعنى الرحالة المشهور ابن بطوطة حين زار القدس عام ٦٢٧ هـ/ ١٣٢٥ م (^٣)، كما تؤكد المصادر المقدسية أن هناك تسع مدارس كبرى في القدس يعود تاريخها للعصر الأيوبي (^٤). ومن الأمور التي جعلها صلاح الدين في بؤرة اهتمامه تحرير الأسرى من أيدي الصليبين والعمل على فدائهم، فنجده يقف الأوقاف لصالح فكاك أسرى المسلمين، فجعل - على سبيل المثال - مدينة "بلبيس" وقفًا على فك أسرى المسلمين الذين أسرهم الصليبيون في حملتهم على مصر عام ٥٦٤ هـ/ ١١٩٨ م (^٥)، وغيرها من الأوقاف وأعمال البر والإحسان التي انتشرت في أقاليم الدولة الأيوبية.

(^١) أحصى مجير الدين الحنبلي في كتابه "الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل"، ٢/ ٣٨٥ - ٣٩٨ .. أكثر من ستين مدرسة وزاوية، فضلًا عن مكاتب الأطفال في القدس. (^٢) انظر: الفتح القسي في الفتح القدسي، العماد الأصفهاني، ١٥١. (^٣) انظر: رحلة ابن بطوطة، ابن بطوطة، ٥٠. (^٤) انظر: مؤسسة الأوقاف ومدارس بيت المقدس، كامل العسلي، ندوة مؤسسة الأوقاف في العالم العربي الإسلامي، بغداد، ١٩٨٣ م، ٩٥. وانظر عن الوقف في العصر الأيوبي: الأوقاف الإسلامية في القدس الشريف - دراسة تاريخية موثقة، مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإسطنبول، ٢٠٠٩ م، ١/ ١٩ - ١٤١. (^٥) انظر: تاريخ الوقف عند المسلمين وغيرهم، أحمد بن صالح عبد السلام، ندوة الوقف في الشريعة الإسلامية ومجالاته، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، الرياض، ١٤٢٣ هـ، ١/ ٥٩٦.

1 / 79