مدونة أحكام الوقف الفقهية

Groupe d'Auteurs d. Unknown
56

مدونة أحكام الوقف الفقهية

مدونة أحكام الوقف الفقهية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م

Genres

وقد أسندت الدولة العباسية إدارة الأوقاف إلى رئيس يسمى: "صدر الوقوف"، يعاونه عدد من الموظفين، وكان عليه أن يقدم حساباته في نهاية كل سنة للقاضي، فإذا أقرَّ القاضي صحة الحساب؛ قُسِّم في سبلة على أهل الوقف، وقد بقيت هذه الوظيفة حتى بعد سقوط بغداد على يد المغول (٦٥٦ هـ / ١٢٥٨ م)، حيث حرصوا على إسنادها إلى كبار العلماء (^١). وهكذا توسَّع الوقف في العصر العباسي وتطور إداريًّا وأصبح له ديوانٌ مستقلٌّ، وعم بنفعه كل شرائح المجتمع الضعيفة، وظهرت أنواع جديدة من الأوقاف لمعالجة ظواهر اجتماعية مستجدة، كما هو الحال بالنسبة للقطاء والمجانين، كما يلاحظ في هذا العصر الاهتمام بالوقف الصحي من خلال كثرة الأوقاف المخصصة للمستشفيات، ويلاحظ أيضًا ميلاد عديد من المجمعات الوقفية التي تدل على نضج العمل المؤسسي في تلك الحقبة، كما سجل هذا العصر ميلاد أوقاف المدارس النظامية التي تعد نقطة تحوُّل في التاريخ الوقفي والثقافي الإسلامي، كما مثَّل وقف المكتبات والربط ظاهرة واضحة في أواخر العصر العباسي، فضلًا عن الظاهرة الأبرز؛ وهي العناية بوقف المساجد ورعاية الحرمين الشريفين، ومن الملاحظ أيضًا أن الخلفاء والولاة، والأمراء، وزوجات الخلفاء .. كان لهم الأثر الأبرز في حركة الوقف في العصر العباسي، ولعل ما قامت به السيد زبيدة يمثل شامة نشاط نساء العصر العباسي الوقفي. وكان طول فترة العصر العباسي، وكثرة العناصر المؤثرة به، وكثرة تقلُّب السلطة في بغداد، وتنافس الحكام على خطب ودِّ الرعية؛ لإضفاء شرعية على سلطتهم، ناهيك عن الازدهار الاقتصادي .. كلها عوامل أثَّرت في مسيرة الوقف خلال ذلك العصر.

(^١) انظر: تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، بيروت، د. ت، ١١/ ٦٤، والنظام القضائي في بغداد في العصر العباسي، عبد الرزاق علي الأنباري، النجف، مطبعة النعمان، ٣٧٨، ومؤسسة الأوقاف في العراق ودورها التاريخي المتعدد الأبعاد، أحمد محمد الشريف، ندوة مؤسسة الأوقاف في العالم العربي الإسلامي، بغداد ١٩٨٣ م، ٧١ - ٧٢.

1 / 71