وأخذت فوزية تنصت باهتمام شديد إليه، وتود أن تلتقط الكلمات حتى قبل أن تصنعها شفتاه كلمات، كان في كلامه حكمة وكان يقول لها أشياء غريبة ويحدثها عن حلول تبدو لبساطتها ساذجة، ولكنها في الوقت نفسه ممتنعة تحار فوزية وتستغرب كيف لم تفكر في حلول مثلها، وأخيرا قال وهو يغادر كرسيه: أنا منتظر، وأتمنالك التوفيق.
وقامت هي الأخرى، وتمطت متثائبة وهي تقوم.
وسمعا مفتاحا يدور في الباب الخارجي أعقبه وقع أقدام ثقيلة وحيدة في الصالة، وصوت غليظ يغني أحدث أغاني عبد الوهاب إذ ذاك: على إيه بتلومني، بتلومني ليه؟
فقال لها: دا الأستاذ بدير المحامي.
وفي أعقاب كلماته دخل بدير وهو يقول: ياما قلبي شكا، ياما دمعي.
وسكت فجأة حين وقعت عيناه على فوزية، وحملق فيها كأنه يحملق إلى إنسان له أربع أيد ورأسان.
وقال حمزة: جيت بدري يعني؟
وكافح بدير طويلا ليقول: أصلي، خلصت بدري.
قالها وهو لا يزال ينظر إلى فوزية ويكاد - لولا الحياء - أن يسأل عمن تكون.
وتنحنح حمزة وقال: يا أستاذ بدير، أقدم لك الآنسة سميحة تلميذتي.
Page inconnue