metaphrase
لا صورة أدبية لنص شيكسبير. •••
وأما الترجمة الثانية - ترجمة الأستاذ محمد حمدي - فهي تسبق عصرها بمراحل؛ لأنها لا تتبع المنهج الحرفي، بل تقوم على اعتبار الجملة لا الكلمة وحدة التعبير، وكذلك فهو لا يقع في أخطاء هذا العصر الذي يتميز بلكنة المترجمات - أي بالأسلوب الركيك الذي يحاكي أبنية العبارات الأصلية ومعانيها الحرفية - ولكنه يتخطى ذلك كله إلى ما يسميه درايدن
paraphrase ؛ أي الترجمة التي تعيد صياغة العبارات في ضوء المصطلح الخاص للغة المترجم إليها. وهو يفعل هذا كله مستندا إلى معرفته الواسعة باللغة الإنجليزية (وقد أصبحت نادرة في أيامنا هذه)، ومهتديا بحسه العربي الأصيل (وهو أندر من المعرفة بالإنجليزية).
ولكن هذه الترجمة يعيبها عيب كبير، ألا وهو توحيد مستوى اللغة العربية المستخدمة فيها من البداية إلى النهاية، بحيث لا يحس القارئ على الإطلاق أن ثمة فروقا بين لغة هذه الشخصية ولغة تلك، أو أن ثم مزاحا هنا وجدا هناك، أو أن العامة يتكلمون لغة تختلف عن لغة القادة والسادة، والسبب في هذا هو المفهوم الذي ألمحت إليه في بداية هذه المقدمة عن اللغة الأدبية أو لغة الأدب.
وأما الذي دفع محمد حمدي على سلوك هذا السبيل فهو التصور الذي ساد العقود الأولى من هذا القرن عن شيكسبير باعتباره أديبا عظيما لا يصح له أو لا يقبل منه استخدام لغة غير رفيعة أيا كانت الشخصيات التي تتحدث في مسرحه، فإذا ذكرنا أن مفهوم الأديب العظيم لا يتحقق في نظر الأوائل من كتاب تلك الحقبة إلا باستخدام لغة أدبية بالمعنى القديم، أدركنا سر إصرار محمد حمدي على «رفع» مستوى لغته وتوحيد هذا المستوى.
وقد اقتضى هذا «الرفع» اللجوء إلى حيل الصياغة القديمة مثل التوازي في العبارات، والتقابل والتضاد، وسائر ألوان المحسنات اللفظية والبديعية مما لا يوجد في نص شيكسبير؛ أي بإضافة لمسات صياغة عربية قديمة قد لا يقتضيها الموقف الدرامي. وانظر مثلا كيف يترجم الأبيات التالية:
Were I a common laughter, or did use
To stale with ordinary oaths my love
To every new protester; if you know
Page inconnue