Les efforts théâtraux de Qabbani en Égypte
جهود القباني المسرحية في مصر
Genres
وحقيقة هذا الأمر - بناء على مقالة جريدة الزمان - أن المنع كان بسبب تشبه الرجال بالنساء في التمثيل؛ حيث إن فرقة القباني كانت خالية من العنصر النسائي.
وإذا عدنا إلى المقالة - مرة أخرى - سنجد كاتبها أطال وأسهب في الاعتماد على السنة النبوية، بوصفها المصدر التشريعي الثاني في الإسلام بعد القرآن الكريم، فيما يتعلق بحرمة النظر إلى الغلام الأمرد، وهو الوصف المنطبق على ممثلي فرقة القباني، قائلا في ذلك: «... إن الشريعة الإسلامية الشريفة لا تجوز النظر إلى وجه الأمرد، الذي يخشى منه الفتنة. بل إن هؤلاء الأشخاص مرد صناعة لا مرد طبيعة، يأتون من التهتك مما تستقبحه بنات الهوى.»
وأخيرا يصل الكاتب إلى هدفه من هذا الهجوم قائلا: «حيث إن التمثيل على هذه الحال، فلنا الثقة التامة بأن سعادة محافظة عاصمتنا الهمام ، نصير الأدب، والمحافظ على فوائده، لم يشاهد ما هو جار في هذا التياترو، وإلا لكان ينفي المشخصين من أول وهلة ... ولأجل ذلك نظهر ثقتنا بأنه يتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع هذا التمثيل بالكلية ... ولا شك أن ما حصل في دمشق الشام سيحصل في مصر القاهرة ... وعندنا أن حضرات رفقائنا أرباب الصحف يتقدمون لمساعدتنا في هذا المشروع الذي هو أول خدمة واجبة للوطن العزيز.»
هجوم الزمان الآخر
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا هاجمت جريدة الزمان تمثيل فرقة القباني؟ وهل هجومها كان موجها إلى التمثيل بصفة عامة، أو إلى تمثيل القباني وفرقته فقط؟ الإجابة من وجهة نظري أن الجريدة وجهت هجومها نحو القباني وفرقته بصفة خاصة؛ لأنها أرادت النيل منه وإقصاء فرقته، والدليل على ذلك أنها نشرت - قبل مقالتها الهجومية - مقالة بتاريخ 11 / 4 / 1885 أشادت فيها بعرض مسرحية «الظلوم» لفرقة يوسف الخياط، وأبانت ما في العرض من أمور الغرام والحب والغيرة، وما قام به سليم حبيب أسماء من «حركات طبيعية تجذب القلوب ... فضلا عن أشعاره الرقيقة ولطف تعبيره ورشاقته»، وما قامت به إحدى الممثلات «في حركاتها وبديع كلامها» ... إلخ.
إذن، لماذا أشادت الجريدة بتمثيل فرقة يوسف الخياط، مقابل هجومها على فرقة القباني والمطالبة بوقف تمثيلها وطردها من مصر؟! الإجابة - من وجهة نظري - أن بعض الفرق المسرحية لاحظت صعود نجم القباني وتفوق فرقته في العروض المسرحية، خصوصا بعد أن عرضت على أحد مسارح القاهرة الكبرى - مسرح حديقة الأزبكية - وهذا الصعود سيؤثر عليها سلبا، فأرادت إقصاء القباني بوصفه منافسا قويا يخشى من نجاحه وتفوقه. والدليل على ذلك أن جريدة الزمان لم تكتف بهجومها السابق، بل أردفته بهجوم آخر بعد أربعة أيام فقط من هجومها الأول، فنشرت يوم 26 / 12 / 1885 - تحت عنوان «تياترو جنينة الأزبكية»
157 - نص رسالة جاءتها من «مصطفى عارف» مع التعليق عليها.
أما الرسالة؛ فقد أيد فيها صاحبها هجوم الجريدة على أعضاء فرقة القباني - التي تمثل في حديقة الأزبكية - وأعاد عبارات الهجوم المنشورة من قبل باللفظ تارة وبالمعنى تارة أخرى، حتى وصل إلى هدفه - الذي حاولت الجريدة الوصول إليه من قبل - وهو التخلص من القباني وفرقته. ومن أمثلة ما قاله:
قد انبعث ذميم الأخلاق من هذه العصابة التي طوحت بها الأرياح الدمشقية نفيا للأقذار من أوديتها إلى هنا ... ونحن نشارك جريدتكم الوضاء في عدم بقاء مثل هذه الفئة بين ظهرانينا؛ فإنا وعمر الإنسانية لا نقبل أن أبناءنا يتدنسون بمشاهدتها ويتلطخون بذميم آدابها. ونحن نحن المصريين لا نرضى بأن يقام لدينا سفهاء البلاد الذين أخلاقهم كالجرب السريع العدوى. وهل في شرعة الإنصاف أن تقوم في بلادنا أمة طردت من بلادها لما نجم عنها الضرر العمومي، زيادة عما يشوه وجه الشريعة الغراء.
أما تعليق الجريدة على الرسالة فكان تأكيدا على الهدف المشترك، وهو إبعاد القباني وفرقته من مصر بعد أن زعمت بأن إدارتي المسرح والفرقة عرضتا عليها رشوة عشرين جنيها، ولوجا مجانيا في المسرح حتى توقف هجومها، ولكنها رفضت. وحتى لا تتهم الجريدة بالظلم والقسوة؛ لأنها تنادي بطرد فرقة مسرحية تعمل من أجل كسب قوتها سارعت بالحل الأمثل للممثلين - في حال طردهم - بأن يعودوا إلى أعمالهم السابقة - قبل عملهم في التمثيل - خصوصا وأن عددهم قليل، قائلة: «لا تجوز أية شريعة أو أي قانون فساد عادات وأخلاق أية أمة؛ لأجل يعيش نحو 15 شخصا قادرين على التكسب. بل أن بعضا منهم كان قهوجيا والآخر حلاقا، والثاني يبيع المشمش والدقرين، وغير ذلك.»
Page inconnue