49

Juha le rieur

جحا الضاحك المضحك

Genres

وضحك المفاجأة هنا واضح من طلب الآيات ثم إخلاف ظن موسى - عليه السلام - لأنهم عبثوا به وهو ينتظر منهم بعد مجيئهم بالآيات أن يؤمنوا ، فإذا هم يفاجئونه بما لم ينتظر من إصرارهم على الكفران.

ولا بد في كل ضحك من الشعور بالمفاجأة في الضحك أو فيمن يتعرض للضحك، فهو شعور ملازم للمضحكات من طرفيها.

وفي سورة النجم عن نوح عليه السلام:

وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى * والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأي آلاء ربك تتمارى * هذا نذير من النذر الأولى * أزفت الآزفة * ليس لها من دون الله كاشفة * أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون * فاسجدوا لله واعبدوا [النجم: 52-62].

ففي هذه الآيات يحسب الرسول أنه يأتيهم بما يبكيهم فلا يحسون داعية للبكاء ويستغربون، فينتقل بهم الاستغراب من أحاديث الرسول عن نذير الآزفة المطبقة إلى الأمان الذي يتصورونه ولا يحسون غيره. وبين هذين النقيضين المتباعدين يتعجب القوم ويضحكون، موقف لا وسط فيه بين البكاء والضحك، فإما أن يحس السامع نذير الآزفة فيبكي، أو يستغربها ويستبعدها فيضحك تعجبا من كلام القائل واطمئنانه إلى الأمان الذي يقال لهم إنهم مهددون فيه.

والضحك من البلاء الذي لا يحسه السامع ويحس نقيضه كالضحك من البلاء الذي يحسه ويحس أنه ناج منه، وقد تكرر ذكر الضحك بهذا المعنى فجاء في سورة التوبة عن المخلفين الذين فرحوا بمقعدهم عن القتال:

فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون * فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون [التوبة: 81-82].

وهذا الضحك أيضا مقرون بالسماع عن الخطر مع الشعور بالأمان، فهو - كما تقدم - كالشعور بالخطر حيث يغلب اليقين بامتناعه أو يمتنع بعد نذير لا يخيف.

وقد ورد في القرآن الكريم ذكر الضحك بمعنى السرور؛ لأنه يلازمه في معظم دواعيه ومظاهره.

وورد ذكر السخرية والاستهزاء، وهما في أكثر الآيات بمعنى الاستخفاف والكبرياء، أو بمعنى التردد بين حالتين: حالة ظاهرة وحالة باطنة تناقضها، ولا يخفى أن نقل الشعور بين هاتين الحالتين سبب من أسباب الضحك على اختلاف الضاحكين:

Page inconnue