40 ألف راكب (7) محطة الأنفاليد
30 ألف راكب (8) محطة الباستيل
15 ألف راكب
خريطة 1-1: نموذج لحركة العمل اليومية في باريس (الحركة اليومية بواسطة السكة الحديدية فقط).
وحركة الانتقال في المدن ومحيطها تمثل في الواقع أكثف حركة انتقال بالمقارنة بأي من مجالات النقل الأخرى، وإن كانت هذه الحركة محدودة المسافات بطبيعة تمركزها حول المدينة الواحدة. وقد أدى هذا إلى نشأة كل أشكال المواصلات الكثيفة (طرق برية سريعة، طرق حديدية، موانئ جوية) حول المدن وفي داخلها (أوتوسترادات وجسور وأنفاق وخطوط حديدية معلقة ... إلخ). وتتضح هذه الصورة بكامل مشكلاتها في المدن الأمريكية الرئيسية، وفي المدن الأوروبية بصورة أقل حدة (انظر خريطة رقم 1-1). (2) التأثير المتبادل بين النقل والتجارة والتكتلات السياسية
إذا استثنينا وسائل النقل الجوي الحالية، فإننا نجد أن تكنيكية النقل عامة تنقسم إلى قسمين رئيسيين، هما وسائل النقل البري ووسائل النقل المائي. وإذا أردنا أن ندرس كلا من هذين القسمين على ضوء القوة المحركة وشكل وسيلة النقل وبنائها ووظيفتها، فإننا نجد تقسيمات كثيرة لأساليب النقل العالمية.
وفي خلال تاريخ الإنسان على ظهر الأرض الذي يمتد إلى عشرات الآلاف من السنين نجد أن هناك تقسيما يؤدي بنا إلى التعرف على مرحلتين تاريخيتين في وسائل النقل؛ المرحلة الأولى طويلة جدا، وتبدأ من بداية التاريخ الإنساني إلى حوالي قرن مضى. أما المرحلة الثانية فهي شديدة القصر لا تتجاوز القرن، ومع ذلك فإنه قد ابتكر فيها تنوع هائل، في شكل وسائل النقل ومبدأ الطاقة المستخدمة لتحريك مركبات النقل المختلفة البرية والمائية على السواء، من البخار إلى آلة الاحتراق الداخلي إلى القوى الكهربائية، وأخيرا بدايات استخدام الطاقة النووية. أما المرحلة الأولى الطويلة فقد تميزت بسيادة مبدأ موحد؛ هو استخدام الطاقات الطبيعية في تحريك المركبات البرية والمائية على السواء، فاشتملت على استخدام طاقة الانحدار الأرضي «الجاذبية الأرضية» وطاقة الانحدار المائي «قوى تيارات الماء النهرية والمحيطية والمد والجزر» وطاقة الرياح، والطاقات العضوية المتمثلة في الإنسان والحيوان.
وقد ترتب على اختلاف شكل الطاقة المستخدمة بين المرحلتين التاريخيتين في النقل، وفي داخل كل مرحلة، اختلافات هائلة في شكل وبناء مركبة النقل ووظيفتها. وأكبر الاختلافات تنحصر في حجم المركبة وسرعتها. وبما أن الطاقات المحركة الحديثة طاقات ميكانيكية غير عضوية ذات قوى غير محدودة بالقياس إلى الطاقات الطبيعية والعضوية التي كان يمكن استخدامها قديما، فإن المركبات صارت أكبر حجما وأكثر سرعة بدرجات غير متناسبة تماما مع حجم وسرعة المركبات في المرحلة التاريخية الأولى.
وصحيح أن للرياح طاقة تحريك عظيمة لا مثيل لها في قائمة المبتكرات الإنسانية، إلا أن استخدامها كان محدودا جدا خوفا من طاقتها المدمرة التي تظهر متكررة في صورة الأعاصير الجامحة. وحين تهب مثل هذه الأعاصير تبتعد المراكب الشراعية وغير الشراعية فورا عن المنطقة؛ وبالتالي فإن استخدام وسائل النقل المعتمدة على الرياح كانت دائما تحت رحمة طاقة غير مستأنسة.
وكذلك ترتب أيضا على سرعة المركبة في المرحلة التاريخية الثانية تغير هائل في وظيفة النقل؛ فلم يعد الانتقال مشقة بالنسبة للأفراد، ولم يعد مغامرة بالنسبة للتجارة، ولم يعد النقل مضيعة للوقت في حالتي الأفراد والبضائع. وبناء على هذا كله حدث تغير كمي وكيفي في وظيفة النقل الحديث، كان من آثاره ازدياد حجم التبادل التجاري العالمي بدرجة ساعدت بشدة على التخصص الوظيفي في النشاطات الاقتصادية في دول العالم وقاراته.
Page inconnue