نقل الخبر شفويا.
ثانيا:
نقل الخبر مكتوبا.
والخبر الشفاهي بلا شك أسبق بكثير في تاريخه من الخبر المكتوب، ولا يزال إلى الآن من أهم وسائل نقل الخبر بعد أن تطورت تكنولوجيته بصورة مذهلة، لكن نقل الخبر شفاهة قد انتابه دورة حياة بدأت به ثم قلت أهميته. وأخيرا عاد إلى مقدمة وسائل نقل الخبر في عالمنا المعاصر. أما نقل الخبر المكتوب فقد بدأ في فترة تاريخية أحدث بكثير جدا من النقل الشفاهي. ومنذ نشأته، وبرغم تقدم تكنولوجية النقل في هذا المجال، إلا أنه ارتبط أوثق الارتباط بالاستحداثات المختلفة التي طرأت على وسائل النقل العامة التي سبق شرحها. (4-1) الخبر المكتوب
وسوف نبدأ بهذا النوع من الأخبار برغم عدم سبقه تاريخيا على الخبر الشفوي. فمنذ عرف الناس الكتابة في سهول العراق ومصر، أصبح من الشائع أن ينقل الحكام والساسة والقادة أوامرهم كتابة إلى الولاة والعمال والقوات خارج العاصمة بواسطة رسول، سواء كان هذا الرسول شخصا يسير على قدميه أم يمتطي صهوة حيوان (غالبا من الحيوانات السريعة: الحصان والجمل على وجه التحديد)، أو أن تنقل الرسالة بواسطة الحمام الزاجل، وكان يمثل وسيلة سريعة جدا بالنسبة لذلك الوقت، وما زال الحمام الزاجل حتى الآن الرمز الذي نجده في مكاتب البريد في أنحاء العالم كناية عن سرعته وأهميته التاريخية في نقل الأخبار المكتوبة.
وفي الدول ذات المساحات الواسعة قديما - كمصر أو العراق وروما أو غيرها - كانت الدولة تهتم أيما اهتمام بتنظيم وسائل نقل الرسائل المكتوبة؛ فقد كانت هناك أبراج ومحطات لاستقبال الحمام الزاجل، ومحطات لتغيير جواد أو حيوان الرسول الذي يحمل هذه الرسائل، لضمان سرعة وصول الأخبار وانتظامها. وقد كانت الطرق بين هذه المحطات تعرف باسم طرق الرسل أو الرسائل
Kurierstrassen (من الأصل اللاتيني
currere
بمعنى يجري).
ومع استخدام الطرق بكثرة لنقل الأشخاص والبضائع بواسطة العربات التي تجرها الحيوانات، أصبح في الإمكان أن يضاف إلى وظيفة هذه العربة وظيفة نقل الرسائل الخاصة بالأفراد من بلد أو مدينة إلى أخرى. وخير مثال على ذلك تنظيم استخدام عربة نقل الأشخاص في أوروبا وفي العالم الجديد لنقل الرسائل من مكان لآخر خلال القرنين الماضين، وقد ترتب على شيوع نقل الرسائل بهذه الوسيلة أن أصبح يطلق على هذه العربات في أحيان كثيرة اسم «عربة البريد»، وفي المناطق النائية أو الجبلية في البلاد المتقدمة - كسويسرا والنمسا وفرنسا وألمانيا - أصبحت هيئة أو مصلحة البريد هي الوريث الطبيعي لعربات الخيل القديمة؛ ولذلك نجد هذه الهيئات تدير أسطولا من سيارات النقل العامة (الأتوبيس) تسير في خطوط منتظمة إلى المدن الصغيرة والضيع التي لا تمر بها وسائل النقل الحديدي. وما زال يطلق على هذه «الأتوبيسات» اسم البوستة
Page inconnue