Géographie politique et géopolitique

Mohammed Riyad d. 1450 AH
192

Géographie politique et géopolitique

الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط

Genres

في الشرق الأوسط القلب يتركز حوالي 35٪ من إنتاج البترول الخام العالمي، وحوالي 60٪ من احتياطي البترول العالمي المؤكد أيضا، وبذلك يضيف هذا الإقليم إلى أهميته التقليدية أهمية جديدة، خاصة وأن الشرق الأوسط هو أكبر إقليم تصدير بترولي للعالم، ولا شك في أن زيادة استهلاك الشرق الأوسط من البترول في المستقبل، لكافة أغراض التنمية والطاقة، ستقلل كمية صادرات الإقليم إلى المناطق الجائعة للبترول، ولكن إنتاج الشرق الأوسط من البترول كبير للدرجة التي سيظل معها متصدرا أقاليم التصدير البترولية العالمية لفترة طويلة خلال عصر البترول.

وفي الواقع فإن البترول في الشرق الأوسط قد أضاف إلى المنطقة أشكالا جديدة من الاستراتيجيات الجيوبوليتيكية العالمية، متمثلة في الصراع الدولي حول المنطقة، وقد اتخذت جيوبوليتيكية البترول في تأثيرها السياسي على دول المنطقة عدة مراحل، وكانت المرحلة الأولى صراعا واضحا بين الرغبات القومية وبين مصالح الشركات الأجنبية المنتجة للبترول، وقد بدأت حركة تأميم البترول الإيراني في ظل حكومة مصدق في عام 1951 المرحلة الثانية من جيوبوليتيكية البترول، فقد تحول الصراع حول البترول إلى صراع قوميات المنطقة والمصالح القومية للعالم الغربي بأسره، وفي هذه المرحلة ألقت أمريكا بكل ثقلها السياسي والاستراتيجي كحليفة للقوى الإمبريالية الأوروبية القديمة، ولا شك أنه كان من آثار الصراع الذي ظهر على السطح فترة زمنية محدودة في إيران، وانتهى بفوز مصالح الشركات والدول الغربية معا، اتجاه محسوس إلى زيادة عوائد البترول للدول المنتجة في الشرق الأوسط، وظهر مبدأ ال 50٪ في المشاركة بين الشركات والدول، وظهرت في تلك الفترة (1960) منظمة الدولة المصدرة للبترول «أوبك

OPEC »، وكان من نتائجها زيادة أسعار البترول تدريجيا وتغير نظام ال 50٪ في حالات كثيرة إلى ميزان أكثر ميلا لصالح الدول المنتجة - في أغلب الحالات أصبحت النسب 55-75٪ للدولة المنتجة و45-25٪ للشركات القائمة بأعمال الإنتاج، ولكن في مقابل ذلك تلكأت الشركات في تشييد معامل تكرير البترول في الشرق الأوسط، وبدلا من ذلك تضاعفت الطاقة التكريرية للبترول في أوروبا الغربية على وجه الخصوص.

ولقد بدأت المرحلة الثالثة في جيواستراتيجية البترول بالتلويح باستخدام البترول في الشرق الأوسط عامة، وفي العالم العربي بوجه خاص - بما في ذلك ليبيا والجزائر - كجزء من أسلحة الصراع العربي الإسرائيلي، وكان ذلك في النصف الثاني من الستينيات، ولكن استخدامه الفعلي لم يحدث إلا بعد نحو سبع سنوات من التلويح به، وكان ذلك في حرب أكتوبر 1973، ولأول مرة يصبح البترول سلاحا سياسيا ذا فعالية خطيرة، على مستوى ذي أبعاد دولية شاسعة، بعد أن كان مجرد سلاح تتدرع به القوميات النامية، كفنزويلا والمكسيك وإيران، لحماية مصالحها القومية فقط.

وإلى جانب آثار الحرب الساخنة في أكتوبر 1973 بين العرب وإسرائيل، فإن سلاح البترول العربي قد اشترك بإيجابية كبيرة في رفع مشكلة الشرق الأوسط القومية والسياسية (العرب والإمبريالية الصهيونية) والاستراتيجية (الصراع الشرقي والغربي) والاقتصادية (مشكلة الطاقة في العالم الصناعي الأوروبي والأمريكي معا، بالإضافة إلى اليابان) إلى أعلى مستوى من الفكر والمناقشة والتفاوض الجماعي وغير الجماعي بين دول السوق الأوروبية، والمعسكرين الشرقي والغربي، ودول العالم العربي، والعالم الأفريقي والآسيوي، والأمم المتحدة.

هوامش

الفصل الثاني

جيوبوليتيكية المكان

(1) ثلاث مراحل زمنية في الشرق الأوسط

قلنا إن الشرق الأوسط، بامتداده من اليونان إلى أفغانستان في الشمال، ومن الصومال إلى السند في الجنوب، يحتل المنطقة المركزية في علاقات الشرق والغرب منذ القدم، ولكن طبيعة ووظيفة الشرق الأوسط كمنطقة مركزية قد اختلفت في العصور المختلفة، ويمكن، إجمالا، أن نجد ثلاث مراحل في تاريخ الشرق الأوسط الطويل، انعكست عليها صفات مختلفة من مركزية المكان الجغرافي للإقليم، وتبدأ المرحلة الأولى منذ نشأة الحضارات العليا القديمة بين النيل والفرات، وتمتد إلى بداية المرحلة الثانية التي تميزت بالركود خلال القرون 16 و17 و18، وأخيرا تظهر المرحلة المعاصرة ابتداء من القرن التاسع عشر وإلى اليوم. (1-1) المرحلة الأولى

Page inconnue