Géographie économique et géographie de la production biologique
الجغرافيا الاقتصادية وجغرافية الإنتاج الحيوي
Genres
لم تكن فكرة التخزين قائمة في اقتصاديات الجمع، ولكن لإن المحصول الزراعي عبارة عن محصول واحد خلال العام، فقد ظهرت فكرة التخزين لكي يتاح للمزارعين أن يستهلكوا المحصول خلال العام كله؛ لأنه لم يكن في الإمكان إنبات محصول آخر في الماضي، حيث تعتمد الزراعة على المطر أو فيضان الأنهار فقط دون أن تظهر فكرة تخزين المياه لزراعة محصول ثان.
ومع فكرة التخزين ظهرت أهمية علوم البناء والحساب ودراسات الفلك، وظهور التقويم لتحديد مواسم الزراعة، وغير ذلك من العلوم التي تعتبر الآن الأصول الأولى لمعارفنا العلمية الحديثة كما حدث في مصر وبلاد الرافدين.
ثالثا:
إن الانصراف إلى الزراعة وقتا طويلا من العام وضرورة الإجادة في فنونها قد أدى إلى ضرورة التجمع في أماكن ثابتة، وبناء مساكن ثابتة في مناطق الحقول.
ونظرا لإن المجتمع قد زاد عدد أفراده نتيجة للوفرة والغنى النسبي عن مجتمع الصيد؛ فإن الروابط بين أفراد التجمع السكني الواحد قد أصبحت أكبر من أن تتسع لها رابطة الدم التي تحكم أعضاء مجتمع الصيد القليل العدد في تنظيماته العشائرية. ومن ثم أصبحت الأسرة أهم دعامة للمجتمع الزراعي تليها الروابط الاقتصادية التي تجمع أفراد القرية معا ضد غيرهم من أهالي القرى المجاورة أو الرعاة المجاورين.
رابعا:
كان نتيجة التخصص الإنتاجي ظهور طبقة مهمتها الدفاع عن المنتجين، وأدى هذا في النهاية إلى ظهور أمراء الحرب وبداية الدولة السياسية كما عرفها التاريخ في مصر الفرعونية، ودول العراق (سومر، آشور، بابل)، ومدن اليونان المستقلة، وروما وفارس والصين ... إلخ.
خامسا:
نظرا لظروف طبيعية معينة؛ فقد تخصصت جماعات بشرية في الرعي، وكان ذلك في مناطق الحشائش في وسط آسيا ونطاقات الحشائش المدارية، بالإضافة إلى الرعي في النطاق الجاف الممتد من الصحراء الكبرى الأفريقية إلى منغوليا. ومع هذا التخصص انقسم العالم إلى قسمين حضاريين متعارضين: الأول: الزراع المستقرون الذين يعيشون في ظل الحماية العسكرية لجيوش منظمة وأسوار وحصون وقلاع. والثاني: الرعاة المتنقلون مع الكلإ والماء، والذين يرتبطون فيما بينهم برباط الدم في صورة القبيلة والعشيرة وأقسامها. والذين تربطهم بالزراع المستقرين علاقة إيجابية في معظم الأحيان وسلبية في أحيان أخرى. والعلاقة الإيجابية هي التبادل التجاري المستمر فيما بين النوعين الاقتصاديين. أما العلاقة السلبية فهي الحرب التي كانت تظهر في صورة غارات صغيرة من الرعاة على أطراف مناطق الزراعة في صورة شبه دائمة أو الغزوات الرعوية الضخمة التي تحطم الدول وتثير الفوضى في نظام الاقتصاد الزراعي المستقر. ومن أوضح الأمثلة على الغزوات الكبيرة غزوات المغول الرعاة التي انتهت مرة بسقوط إمبراطورية الصين، ومرة أخرى بسقوط الدولة الإسلامية في العراق، وفي مرة ثالثة بتأسيس إمبراطورية المغول في الهند.
ولقد انكسرت شوكة الرعاة مرات عدة في خلال التاريخ، وكذلك في الوقت الحاضر لا تظهر للرعاة شوكة قوية إلا في مناطق محلية محدودة جدا من العالم، وقد جاء ذلك نتيجة لجهود السياسة المعروفة باسم «تثبيت أقدام البدو» أي جعلهم مستقرين بخلق نظم اقتصادية مستقرة «كالزراعة أو الرعي الحديث في مزارع أو العمل في التعدين أو الصناعات أو حرس الحدود.»
Page inconnue