11
كانت مواعيدي مع بهيرة تتحدد بالتليفون، ثم نلتقي عند الست حميدة، وقد حاولت في مرات عديدة أن أعرف شيئا عن سر خيانتها لزوجها فلم أستطع. عجزت في لقائي معها أن أعرف السر، وعجزت في لقائي معها أن أصل إليه. ولكن صداقة جديدة على أية حال قامت بيني وبينها هي وزوجها معا. وقد كان الزوج واثقا في إلى درجة أنه كان يجعلني أصحب بهيرة إلى النادي وحدنا ويلحق بنا إلى هناك أو يشغله عمله فلا يلحق بنا. استغلق علي السر فترة ليست بالقصيرة، إلى أن كان يوم كنت فيه مع بهيرة في بيت حميدة، واستطعت من خلال همهمة تكاد لا تحس أن أدرك السر. أو على الأقل خيل إلي أنني عرفته. لقد كان زوجها محروما مما يتمتع به جنسه، وحرمت هي مما يتمتع به جنسها.
إذن فلبهيرة أسبابها في أن تخون زوجها! لا غرابة إذن فيما تفعله، ولا عجب.
فلأحتفظ إذن بصداقة بهيرة وزوجها، ولأواصل البحث الذي رصدت له نفسي.
عرفتني الست حميدة بسيدة أخرى في أواسط الشباب، جميلة ذات جاذبية، يعمل زوجها وكيلا للوزارة، وفي أول لقاء في بيت الست حميدة عرفت أن لها أولادا، فالسبب الذي توفر عند بهيرة لم يكن متوفرا عند لواحظ، ولم يكن من الصعب أن تدعوني لواحظ إلى بيتها، بيت يجاهد أن يبدو أنيقا، ولكن يخذله الجهد. واضح أن زوجها رجل شريف في عمله، لا يقبل أن يمد يده لغير ما يستحق.
ولم يستغرق الأمر كثيرا لأعرف السر الذي يقف وراء خيانة لواحظ لزوجها؛ فهي تحبه أشد الحب، وتريد أن توفر له ولبيته كل ما يحتاج إليه هذا البيت، فباعت نفسها لزبائن الست حميدة حبا لزوجها وحفاظا منها على بيتها. إن هذا المثل لا يصلح لي أيضا، لم يكن المال لينقص تحية، ولم يكن ماجد الذي يعوض هذا النقص إن وجد. فلتكن لواحظ وزوجها فائق بك أصدقاء. ولأعد للبحث مرة أخرى.
سيدة خمرية اللون ذات شعر أسود منساب حالم، وعيون فيها دعة وفيهما جرأة، جمعتنا الحجرة، وسعدت بهذا الاجتماع سعادة لم أعهدها من قبل. زوجها يعمل في جهات كثيرة من القطر، ويغيب عنها كثيرا، وهي تحب ألا يغيب عنها زوجها كثيرا، فهي تحب الحب لذاته، ولا يعنيها في كثير أو قليل الرجل الذي يمارس هذا الحب معها. نوع من الهواية لا تعرفه تحية بكل تأكيد.
وأصبحت نعيمة صديقة هي أيضا، وما لبثت أن عرفتني بزوجها ليدخل في زمرة الأصدقاء، ولكن البيت لم يمدني بالسبب الذي خانتني من أجله تحية.
عرفت أزهار وعرفت زوجها، سيدة جميلة هذا النوع الهادئ من الجمال، ولكنها مجنونة بحب البذخ، وزوجها غني وكريم، ولكن غناه وكرمه جميعا لم يستطيعا أن يواجها رغباتها في حب الشراء وحب الإنفاق، فتعرفت على الست حميدة واستطاعت بجهدها الشخصي أن تصل إلى ما تريده من مال.
سبب جديد للخيانة، ولكنه لا يروي غليلي؛ فما هكذا تحية، فلأعد للبحث مرة أخرى.
Page inconnue