Anciens et Modernes : études, critiques et discussions
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
Genres
ومهبط وحي مقفر العرصات
متع الله عصبة الخير والأدب الصحيح بعمر طويل لنحيي ثقافتنا بين الأمم.
تطالعك مجلة العصبة بأروع مشاهد لبنان، جبار القطر الشامي، وتريك أمجد آثار العرب وتسري إليك بعطر الأندلس ممزوجا بأريج لبني لبنان، فإلى الأمام يا شباب العرب، ولا أقول شباب لبنان فلبنان أصبح مرادفا للعروبة، وإن نفره ما تهربه أقلام بعضهم على الطروس، لست أعني إلا بعض أدباء وشعراء، فما أنا بسياسي لأناقش كتابها.
إن صح أن اللسان يوحد الأمم والشعوب، فجماعاتنا المنتشرة في كل الأقطار المسكونة هم دعاة القومية العربية لا غيرهم، فهم الذين حثوا أمس ويحثون اليوم وغدا كل عربي من مهاجر ومقيم على تقديس لغته وقوميته، وهم الذين احتلوا مقاما ساميا بين أمم الأرض، والذين خالطوا شعوبها مخالطة الأشباه والأنداد، وأفهموا بعضهم أنهم أحفاد الأمة العربية، فحنوا على جدتهم المرحومة وذكروها بالخير.
قد تظنني مبالغا إن قلت لك إن مجلاتهم الراقية تحبب إلينا لغتنا، ولكنك ذاهب مذهبي - إن شاء الله - متى طالعت «العصبة» الحافلة بكل طريف مفيد من شعر عال وأدب صحيح، إلى تاريخ مجيد يهز النفوس ويرفع الرءوس.
وحياتك يا أخي، إن آثارا كهذه تجمد شبابنا المائعين فلا يذوبون في الأمم الطارئة علينا، أو الشعوب التي طرأنا عليها، فشكري الخوري في «أبي هوله» لبناني فوق كل لبناني، وهو ممن عيدوا للبنان في زمن عبوديته «6 أيلول»، حتى حاول الرجل أن ينشئ أدبا لبنانيا لغة وتفكيرا، فأخرج لنا منذ عشرات السنين روايته الرائعة «فنيانوس» نعم فنيانوس وشقفه.
لم ينس المتمشرق غناطيوس كراتشوفسكي فضل صاحب أبي الهول في بحثه «أدبنا الحديث» فقال كما ترجموا لنا: وقد شرع شكري الخوري في محاولة طريفة، وهي استعمال اللهجة السورية - قلت اللبنانية - الدارجة في الكتابة ولكن أحدا لم ينسج على منواله.
واعجبا للمتمشرق أغناطيوس، أينسى المكرزل صاحب جريدة الدبور الطريفة الحلوة النكتة، وحنا الفغالي صاحب «شموني» القصة البديعة، فهي أخت فنيانوس شكري وعلى طرازها وإن تفاوت سنهما، بل أعجب له سبع مرات، وهو يؤرخ أدبنا المعاصر كيف لا ينسى حليم دموس وينسى هذين المنشئين، فيقول عن شكري الخوري: ولكن أحدا لم ينسج على منواله.
ولكنك لا تلوم غناطيوس مثلي متى علمت أنه «مكبر فوتوغرافي»، لما كتبه العلامة المدقق الأستاذ جب عن أدبنا الحديث، كما ضخم العقاد مقالات صديقه المازني في ابن الرومي فجاءت كتابا غليظا، فالذي يقول - إن صحت الترجمة فليس الأصل عندي - أن القصة العربية التاريخية شاعت أولا في محيط البستاني فعذره بين كالعنزة البلقاء.
يا لله من بعض هؤلاء المتمشرقين كيف يتصدرون للحكم وما عندهم من آلته شيء، إنهم ككتابهم الذين يكتبون عنا ما لا يعلمون، لقد ذكرني هذا بشكسبير حين أرسى المراكب في حلب، وبشاعر فرنسي - أظنه دي هيريديا - قال: إن لبنان يدخن، ظانا أنه جبل بركاني.
Page inconnue