Génocide : la terre, la race et l'histoire

Fahmi Saïd Cheikhou d. 1450 AH
90

Génocide : la terre, la race et l'histoire

جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ

Genres

لكن دون جدوى .. أغلقوا الباب على ديفيد وأضرموا النار فيه، فعاش هو ومات مايكل في الحياة.

الفصل الحادي والثلاثون

مدينة وان - تركيا 1909م

كان شعورا أشبه بالنشوة عندما سمع أرتين الخبر؛ فبعد عقدين من القتال والمذابح التي راح ضحيتها الآلاف ومحاولة اغتيال فاشلة، ها هو السلطان ينتهي به الأمر في المنفى يناظر سلطانه الزائل من خلف البسفور، ويرى أولئك الذين استهان بقدرتهم يجوبون في حنايا قصره على قمة تلة قازانجي أوغلو ويتنعمون بملكه وحديقته الغناء ويستقبلون المهنئين بصالة استقبال الضيوف التي منها نشأت الفرسان الحميدية وظلمت وطغت في الولايات الأرمنية تحت إمرة زكي باشا وزبانيته، يطلق حسرات وزفرات ويحوقل جيئة وذهابا. من كان يصدق أن الأتراك أنفسهم دون الملل الأخرى القابعة تحت الحكم العثماني يخلعون السلطان بتلك الطريقة المهينة!

آه يا عبد الحميد! كيف يمكن التغاضي عن نواياهم التي بانت لك واتقيت الظلم فيهم فأطاحوا بسلطانك؟ أما كنت تتصف بالشدة والحنكة؟ كيف وهنت وتساهلت، وأنت تدرك أن «الحكم والزهد لا يجتمعان»، والحاكم الزاهد بالدنيا الذي لا يتقي شر أقرب الناس إليه مصيره الموت أو النفي كما حصل للخلفاء الثلاثة، عمر وعثمان وعلي، حتى أدرك ذلك المفهوم بنو أمية فأحاطوا سلطانهم بالحذر والحيطة والشدة وقطع رأس الفتنة أول بزوغها، فاستمر حكمهم أكثر من الخلفاء الراشدين، وعندما أراد عمر بن عبد العزيز أن يعيد الزهد إلى الحكم سمم وقتل؟!

انتشر خبر خلع السلطان عبد الحميد الثاني كالنار في الهشيم بكل أرجاء الدولة العثمانية، وتناقل أرمن المدينة أخبارا تفيد بأن الإصلاحات التي وعد بها حزب الاتحاد والترقي حليف حزب الطشناق الأرمني ستكون على رأس القائمة، واستبشروا خيرا بطي صفحة السلطان إلى الأبد. كانت الفرحة ظاهرة على وجوه رواد المقهى قرب الخان، وكأن الأرمن ولدوا من جديد وأزيح عنهم الخوف القابع في صدورهم لعقود خلت، وتم تغيير الولاة التابعين للسلطان المخلوع وإعادة العمل بمجلس المبعوثين (البرلمان) ومجلس الأعيان لتشارك جميع القوميات والملل في القرار العثماني.

كان سوق مدينة وان يعج بالناس والباعة المتجولين والعربات التي تجرها البغال، وأصوات مناقشات حادة تأتي من هنا وهناك وكلام حول إهانة السلطان بكلمة «الخلع» ودفاع وذم ومناوشات واتهامات بالظلم ومدح بالعدل، كان الكلام حول السلطان وخلعه وتنصيب أخيه محمد رشاد ذي الشخصية الضعيفة بمنصب شكلي مسلوب الإرادة الشغل الشاغل للأهالي لشهر كامل، وحدثت حالات مشاحنات وقتال بالسكاكين في ساحة السوق بين المؤيدين والمعارضين للخلع أدت إلى تدخل الدرك أكثر من مرة، كانت حادثة لا يمكن أن تمر مرور الكرام؛ فللسلطان هيبته ومكانته في نفوس المسلمين؛ لأنه يحمل صفة خليفة رسول الله، وهو من سلالة السلاطين العثمانيين الشرفاء. •••

كانت باتيل في المطبخ تجهز العشاء ورائحة اللحم المسلوق مع البهارات وحبات القرفة قد ملأت باحة البيت، نادت بانوس بأن يحضر الطاولة ويفرش القماش الأبيض المزخرف عليها ويجلب الكراسي من غرفة أرتين وغريغور، ويخبرهما بأن العشاء قد جهز.

على المائدة كان غريغور يأكل بشراهة كعادته وباتيل تطلق الابتسامات خلسة مع زوجها بانوس، لم تكن ابتسامة استهزاء بقدر ما كانت شعورا بالسعادة؛ فكل النساء تحبذن من يأكل طبخهن بهذا النهم، إنهن يشعرن أن ساعات التعب والتحضير لم تذهب سدى. - برأيك كيف سيكون حال الثورة بعد عبد الحميد يا بانوس؟

وضع الملعقة من يده على الصحن والتفت إلى أرتين: بالتأكيد سيكون أفضل بكثير. - لكن مانوكيان في آخر اجتماع للقادة قال: «لا يغرنكم شعارات الاتحاد والترقي بالإصلاحات والوعود بالحكم الذاتي للأرمن، إننا ندرك جيدا أنها يكذبون ويماطلون، وهذا ما رأيناه في أول اجتماع معهم بعد خلع السلطان.» - حتى لو كانت الوعود كاذبة، لكن التضييق على الثوار سيقل، وستكون حركتنا أكثر حرية من ذي قبل و...

Page inconnue