L'île de Rhodes : sa géographie, son histoire et ses monuments, suivie d'un précis historique sur les îles les plus célèbres de la mer Égée
جزيرة رودس: جغرافيتها وتاريخها وآثارها، تليها خلاصة تاريخية عن أشهر جزائر بحر إيجه
Genres
Fabrice Caretto
1513-1521 (19) فيليه دي ليل آدم
Villiers de l’Isle-Adam
1521-1522
استيلاء الدولة العثمانية على رودس
جلس السلطان سليمان القانوني على عرش السلطنة العثمانية، وفي نيته فتح رودس تعزيزا لقوته البحرية، وتسهيلا للمواصلات بين مصر والآستانة، والسفر إلى الحرمين الشريفين، وكان يقول إنه ليس للدولة العثمانية طريق إلى الغرب غير بلغراد ورودس، فبعد فتح بلغراد أخذ يتأهب لفتح رودس، فأمر بحشد الجيوش وإعداد المعدات وتجهيز السفن؛ لعلمه بمناعة هذه الجزيرة وشهرة فرسانها، وأعد أسطولا من 300 بارجة كبيرة و400 سفينة لنقل الذخائر و10000 جندي بحري بقيادة الوزير الكبير مصطفى باشا الذي عين سر عسكر لهذه الحملة، وأقلع الأسطول قاصدا رودس في 10 رجب سنة 928ه / يونيو سنة 1522م، ثم سار إليها السلطان سليمان بنفسه في 18 رجب، وكان حاكمها يومئذ «دي ليل آدم»، وهو آخر من تولى أمر الجزيرة من هؤلاء الفرسان، ولما وصل الأسطول إلى جزيرة هركيت دعاها الوزير إلى الطاعة والتسليم، فأبت فحاصرها وفتحها عنوة في 20 شعبان/15 يوليو، ثم سار حتى مر من بوغاز رودس ورسا أمام فيلانوفا، وهي من أقاليم الجزيرة، فاستعد جنودها للحرب، فعمد الوزير إلى المخادعة، وكان مشهورا بالدهاء والمهارة في الفنون الحربية، فترك 200 سفينة في فيلانوفا وعاد ببقية السفن إلى البوغاز للوقوف في أوكوزبورنو، فلما مرت السفن أمام الحصون أطلقت عليها القنابل من القلاع، فأصابت بعضها، ورأى الوزير أنه إذا رسا في أوكوزبورنو أصبح عرضة لقذائف المدافع الكبيرة، فسار بأسطوله ووقف في مرفأ مرمريس - وهي مدينة في بر الأناضول تجاه رودس، ويسميها الإفرنج مارمارتسا - ولما وصل السلطان سليمان نزل بها أيضا، وعين يوم 5 رمضان/29 يوليو لضرب المدينة، وكان الأسطول قد استولى على جبل سان أتيان وعلى قرية سان جورج، وكلاهما من ضواحي المدينة، وقبل اليوم المعين للحرب انتقل السلطان سليمان من مرمريس إلى رودس. ونصب فسطاطه على رابية في «قزل تبة»
1
لمراقبة حركات الجيش وإصدار الأوامر، وكانت حصون المدينة في منخفض من الأرض لا يظهر منها للخارج غير شرفاتها، ولها متاريس عرضها 5 أمتار و25سم تحميها خنادق محفورة في الصخر عرضها من 30 إلى 45 مترا، وعمقها من 12 إلى 18 مترا، ومن داخلها القلاع والأبراج وهي باقية إلى الآن، وكان الميناء الكبير (المعروف بميناء الكمرك) محصنا وفي وسطه برج العرب، وقد ربط الفرسان في مدخله سلسلة ضخمة لمنع السفن من اجتيازه، وسدوا الميناء الثاني (المعروف باسم مندراكي ويسميه الترك الترسانة) بمراكب شحنوها حجارة وأغرقوها فيه، وكان عدد الفرسان 292، ثم انضم إليهم كثير ممن كانوا في أوروبا ومن المتطوعين حتى بلغ عددهم 650 فارسا، وكان جيشهم مؤلفا من 6000 جندي، وقد اختصت كل طائفة من الفرسان بالدفاع عن قسم من الحصون والقلاع، وكانت الحصون مقسمة سبعة أقسام موزعة على فرسان فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وبروفنسا وأوفرن، أما الجيش العثماني فكان عدده مائة ألف غير الرؤساء، وقد أحاط بالمدينة من الشمال والجنوب وصوب مدافع الحصار الكبيرة نحو الحصون والقلاع، وبعض تلك المدافع من النوع المعد لقذف الكرات الحجرية الضخمة، ولا يزال كثير من هذه الكرات في رودس حتى الآن، يشهد بصحة ما رواه المؤرخون عن حجمها الهائل، وفي اليوم المعين ابتدأت الحرب ووضعت اللغوم في عدة مواقع، وفي 16 رمضان/9 أغسطس أتت نجدة مصرية من 24 سفينة حربية انضمت إلى القوة العثمانية، وفي 4 سبتمبر انفجر لغم فنسف جانبا من زاوية حصن الفرسان الإنجليز، فهجم الجنود العثمانيون على هذا الحصن كالأسود، ووثبوا من ثغرة فيه على الفرسان، وغنموا منهم سبعة أعلام، ولما رأى الرئيس الأعظم حرج الموقف نزل بنفسه إلى ميدان القتال بقوة عظيمة، ووقعت معركة كبرى كان النصر فيها للفرسان، وبلغ عدد من قتل من الجنود العثمانية نحو ألفي رجل، وبعد ستة أيام أعادوا الكرة فانهزموا وقتل منهم عدد لا يقل عن الذين قتلوا في الواقعة الأولى، وقتل من عساكر الفرسان ثلاثون رجلا منهم قائد المدفعية وحامل لواء الرئيس الأعظم، وبعد يومين هجمت الجنود العثمانية مرة أخرى على الحصن وعبرت من الثغرة التي فيه ورفعوا عليه خمسة أعلام، أخذ الفرسان منها علما بعد قتال عنيف، وفي 23 سبتمبر صدر الأمر بالهجوم في اليوم التالي هجوما عاما، وأعلن هذا الأمر ليلا في الجيش كله، وفي فجر الغد قامت الحرب على قدم وساق، وامتد القتال من الشمال إلى الشرق والجنوب، وحمي وطيسه في عدة أماكن، وكان أشده في حصون فرسان إسبانيا، وكانت الجنود العثمانية تعبر الخنادق وتتسلق الأسوار وتقتحم الأهوال لا تصدها القنابل ولا السيوف، ولا ما كان يصبه الفرسان عليهم من المواد الملتهبة حتى غصت الخنادق وشرفات الحصون بجثث القتلى والجرحى، وقتل من الجنود العثمانية في ذلك اليوم خمسة عشر ألف رجل، وفي 22 أكتوبر حاولوا الهجوم على حصن الفرسان الإنجليز مرة أخرى فانهزموا، ثم زحفوا على حصون فرسان إيطاليا وبروفنسا، فقتل منهم خلق كثير وأعادوا الكرة على حصن إيطاليا، فقتل منهم خمسمائة رجل، ثم حملوا على حصون فرسان إسبانيا وإيطاليا، فقتل منهم ثلاثة آلاف رجل، ولما رأى السر عسكر ما حل بالجيش بعد انهزامه مرارا عدل عن الهجوم، وعزم على الاستمرار في حصار المدينة بواسطة الخنادق واللغم. وفي 10 ديسمبر فاوض السلطان سليمان الفرسان في تسليم المدينة وأمهلهم ثلاثة أيام، ووعدهم بالكف عن القتال إذا أذعنوا لطلبه، فعقدوا مجلسهم وتفاوضوا في الأمر، فاختلفت آراؤهم وعارض أكثرهم في التسليم، وعزموا على طلب الإمهال للنظر في الأمر، وخابروا السلطان في ذلك، فكبر عليه وأمر بالاستمرار في الحرب، وفي 18 ديسمبر هجمت الجنود العثمانية على حصن فرسان إسبانيا فانهزموا ثم أعادوا الكرة على هذا الحصن بقوة عظيمة واستولوا عليه، وكان الفرسان في خلال ذلك قد أدركهم الضعف والوهن، فثبطت هممهم وخارت عزائمهم، فطلب رئيسهم دي ليل آدم من السلطان سليمان المفاوضة في التسليم.
حصار العثمانيين لرودس.
دي ليل آدم أمام فسطاط السلطان سليمان.
Page inconnue