وابتسم رانجا، ومد يده ومس بسبابته طرف أنفها، ثم قال: إنه ليس واقعا فحسب، بل هو حق ملهم؛ ولذلك عليك أن تلزمي الأدب أيتها الشابة.
وقال ويل: إنني أعجب لماذا لا نكون جميعا من المستنيرين؛ أقصد أنه إذا كان الأمر مجرد ممارسة الحب بطرق خاصة. ما جوابكم على هذا؟
وبدأ رانجا يتحدث، وقال: أقول لك ...
ولكن الفتاة قاطعته قائلة: استمع، استمع!
وأصغى ويل، واستمع إلى ذلك الصوت العجيب غير الإنساني الذي كان أول ما رحب به في بالا آت من بعيد واضحا وإن يكن خافتا، وكان الصوت يردد: انتباه! انتباه! انتباه! - الطائر الملعون مرة أخرى. - ولكن ذلك هو السر. - انتباه؟ إنك منذ لحظة كنت تقولين إنه شيء آخر، وماذا عن ذلك الشاب «المتحفظ»؟ - إنما ذلك ييسر له الانتباه!
وأمن على ذلك رانجا وقال: إنه فعلا ييسره له، وذلك هو سر الماثيونا. ليست الطرق الخاصة هي التي تجعل من ممارسة الحب يوجا، إنما هو نوع الوعي الذي تجعله هذه الطرق ممكنا. الوعي بما عندك من إحساسات والوعي بما في الحس من لا حس. - وما هو اللاحس؟ - هو المادة الخام للحس الذي تمدني به اللانفس. - وهل تستطيع أن توجه انتباهك إلى اللانفس؟ - طبعا.
والتفت ويل إلى الممرضة الصغيرة وسألها: وأنت أيضا؟
أجابت: أوجه انتباهي إلى نفسي وإلى لا نفسي في آن واحد، وكذلك إلى لا نفس رانجا، وإلى نفس رانجا، وإلى جسم رانجا، وإلى جسمي وكل ما يحسه، وإلى كل الحب وكل الصداقة، وإلى لغز الشخص الآخر؛ ذلك الغريب تماما الذي هو النصف الآخر لنفسك، والذي هو شبيه بلا نفسك. وفي أثناء ذلك يتنبه المرء إلى كل الأشياء التي يراها المرء بعيدة عن الرومانسية، غليظة، بل خسيسة، إذا كان رقيق العاطفة، أو إذا كان - وهو أسوأ - روحانيا مثل الراني العجوز المسكينة. غير أن هذه الأشياء ليست خسيسة لأن المرء يتنبه كذلك - إذا كان على وعي تام بها - إلى أنها في جمال كل ما عداها. وفي روعة كل شيء سواها.
واختتم رانجا الحديث بقوله: ماثيونا هي ديانا. وقد ظن أن استعمال لفظة أخرى قد يفسر كل شيء.
وسأله ويل: وما هي ديانا؟ - هي التأمل. - التأمل.
Page inconnue