وعاد فارنبي إلى الحديث فقال: هذا صحيح. ولقد كان والدي محاميا وصحافيا سياسيا، وذلك عندما لم يكن مشتغلا بتعاطي الخمور. أما أمي؛ فقد لا تصدقون أنها ابنة رئيس الشمامسة، إي والله رئيس الشمامسة! وضحك مرة أخرى كما ضحك من قبل على حب والده للبراندي.
وحدق الدكتور ماك فيل في الرجل لحظة، ثم التفت مرة أخرى إلى أحزمة حقيبته.
وبنغمة العالم الموضوعي قال: عندما تضحك بهذا الشكل يصبح وجهك قبيحا بدرجة عجيبة.
وأخذ ويل بهذه الملاحظة وحاول أن يخفي اضطرابه بشيء من التظرف، فقال: إنه قبيح دائما. - بل على العكس إنه جميل من وجهة نظر بودلير، إلا عندما يعن لك أن تصدر أصواتا كعواء الضبع. لماذا تحدث هذه الأصوات؟
وقال ويل: أنا صحافي ، مراسل خاص، يؤجر على تجوله في أنحاء العالم ليروي ما يشاهد من أسباب الفزع الشائعة. أي صوت آخر كنت تتوقع مني؟ كوكو؟ بلا بلا؟ ماركس ماركس؟ وضحك مرة أخرى، ونطق بإحدى طرائفه التي أتقنها، وقال: أنا رجل من الرافضين لكل شيء.
وقال الدكتور ماك فيل: حسنا، حسنا جدا، والآن دعنا نباشر العمل. وأخرج من حقيبته مقراضا وشرع يمزق الجانب المهلهل الملطخ بالدماء من السروال الذي كان يكسو ركبة ويل الجريحة.
وحدق فيه ويل وتعجب إلى حد بقي هذا الرجل أسكتلنديا على أصله وإلى حد استحال إلى بالانيزي (من أهل بالا). عيناه زرقاوان وأنفه بارز ولا شك. أما بشرته السمراء، ويداه الدقيقتان، ورشاقة حركته فهي بالتأكيد من مكان يقع جنوبي تويد (في أسكتلندة) ويبعد عنها كثيرا.
وسأله: هل ولدت هنا؟
وهز الدكتور رأسه إيجابا: في شيفابيورام، في يوم وفاة الملكة فيكتوريا.
وبعد قصة أخيرة من المقراض وقع جانب السروال وانكشفت ركبة ويل. وفحصها أولا بدقة الدكتور ماك فيل وقرر أنها «ملطخة». ثم أضاف: ولكن لا أظن أن الجرح خطير. والتفت إلى حفيدته وقال لها: أريدك أن تعودي إلى المحطة وتطلبي إلى فيجايا أن يحضر إلى هذا المكان ومعه أحد الرجال الآخرين، وقولي لهم أن يأخذوا نقالة من المستشفى.
Page inconnue