ومنهم القاضي الأفضل العلامة صلاح الدين صلاح بن علي الوشاح الحاكم الآنسي(1) وقد تقدم.
ومنهم القاضي العلامة المجاهد الصابر أحمد بن محمد السلفي(2) من بلاد المصانع(3)، له مع العلم الواسع مواقف في الجهاد مشهورة، وملاحم في الجلاد مأثورة، وقد تقدم ذكر ولايته لمسار(4) وما إليه، وله في تلك الجهات أخبار منها ما أخبرني رحمه الله شفاها في أواخر عام خمسة وثلاثين وألف(5) في شهارة [43/أ] المحروسة بالله، وقد روى عنه خبر طار في الأسماع وتحدث به في الوهاد والبقاع من حادث معه فقلت له تفضل حدثنا بحقيقة ما قال الناس عنك، فقال: كان لي راتب من القرآن الكريم لا أنقص من ورده، فإذا لم يسع في البيت الصبح وأنا في رأس حصن مسار في قصره المعروف، وقد طلعت الشمس فأخرج إلى مقصورة في حكم الخارج عن القصر متصلة بشاهق الحيد، فأتم ذلك وأنتقل بعد الفراغ، فكان إلى بعض غداة تلك الأيام واستقام أمامي صورة إنسانية في طول هذا الدار المعصور وهي النوبة(6) التي على باب سعدان(7) في شهارة المحروسة بالله وعرضها أيضا، وعليه شعر كثير مثل شعر القردة الكبار وأن خصيته ومذاكيره على شبه حق البغال الكبار والحمير غير أنها تشبه الآدمي ولكنها أكبر من حق الحمار والبغل بكثير، وله هامة كبيرة وعينان كبار كل واحدة منهما مثل هذه الدواة، واحتمل دواة غسانية(8) بين يديه لها أربع أدوي كل واحدة بمداد السواد والجضرة والصفرة ثم مواضع للغرا والتربة قريبة من ثلاثة أرطال فسد ما بيني وبين الشاهق والدار، والمصحف بيني وبينه مفتوح وطفق ينظر إلي وأنظر إليه وفهمت أنه يحب أن أبدأه بالحديث وأنا أنظر إليه لعله الذي يبتديني ليكون الجواب أقطع لما يريد، وبقي زمانا على ذلك يحملق عينيه ثم تلاشى إلى العدم. فهذه التي اتفقت لي وما زاد الناس فيها فمما لا يجوز لهم روايته عني أو كما قال.
Page 111