Jawhar Shaffaf

Ibn Hadi d. 810 AH
78

Jawhar Shaffaf

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون(88) ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين(89)بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين(90) {وقالوا قلوبنا غلف} يعني أن اليهود قالوا استهزاء واستنكار لما أتى به محمد صلى الله عليه وآله وسلم قلوبنا غلف أي: عليها غشاوة فهي لا تعي ولا تفقه ما تقول وكل شيء في غلاف فهو غلف وجمعه غلف ثم كذبهم الله تعالى فقال {بل لعنهم الله بكفرهم} أي: أبعدهم من رحمته وطردهم فهم الذين غلفوا قلوبهم بكفرهم {فقليلا ما يؤمنون} أي: فقليل ما يؤمنون مما في أيديهم.

وقال قتادة: فقليلا ما يؤمنون أي: ما يؤمن منهم إلا قليل كعبد الله (1) بن سلام أو فإيمانا قليلا يؤمنون وما نريده {ولما جائهم كتاب من عند الله} وهو القرآن {مصدق} أي موافق {لما معهم} من كتابهم لا يخالفه وكانوا يعني اليهود من قبل نزول هذا الكتاب يستخفون أي: يستنصرون على الذين كفروا بمحمد وكتابه ويقولون اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في أخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة وكانوا يقولون : لأعدائهم من المشركين قد أضل زامن نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد إرم {فلما جاءهم ما عرفوا} من الحق {كفروا به} بغيا وحسدا وحرصا على الرئاسة {فلعنة الله} أي: غضب الله وعقابه والبعد من رحمته {على الكافرين} أي: الجاحدين لذلك {بئس ما اشتروا به نفسهم} اشتروا بمعنى باعوا أو لمعنى بئس شيئا باعوا به أنفسهم {أن يكفروا بما أنزل الله} من الوحي {بغيا} أي: حسدا وطلبا لما ليس لهم {أن ينزل الله من فضله} أي: حسدوه على أن ينزل الله من فضله الذي هو الوحي {على من يشاء من عباده} أي: على من تقتضي الحكمة إرساله {فباءوا بغضب على غضب} أي: فصاروا أحقاء بغضب مترادف لأنهم كفروا بنبي الحق وبغوا عليه {وللكفرين عذاب مهين} بسبب كفرهم بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد كفرهم بعيسى والمهين المذل لهم في الآخرة بعد إهانتهم في الدنيا.

Page 82