سورة البقرة مدنية وهي مائتان وسبع وثمانون أية
بسم الله الرحمن الرحيم
الم(1)ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين(2)الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون(3)والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون(4)أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون(5)
قال: رضي الله عنه: اعلم أنك إذا تأملت ما أورده الله عز سلطانه في الفواتح من هذه الأسماء، وجدتها تصف أسامي حروف المعجم أربعة عشر سواء وهي الألف، واللام، والميم، والصاد، والراء، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والطاء، والسين، والحاء، والقاف، والنون، في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم، ثم إذا نظرت في هذه الأربعة عشر وجدتها مشتملة على إنصاف أجناس الحروف، ثم إذا استقرأت الكلمة وتركيبها رأيت الحروف التي ألقى الله ذكرها مكثورة بالمذكورة منها فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته، وقد علمت أن معظم الشيء وجله منزل منزلة كله وفي وقوعها على هذه الصورة مفاتيح السور أقوال:
أولها: وعليه الأكثر أنها أسماء للسور كأنه المعنى بتسمية السور بهذه الألفاظ خاصة الأعلام بأن القرآن ليس إلا كلمات عربية معروفة التراكيب من مسميات هذه الألفاظ.
وثانيها: أن يكون ورود هذه الأسماء مسرودة على نمط التعديد كالإيقاظ وقرع العصا لمن تحدى بالقرآن وبغرابة نظمه، وكالتحرير للنظر في أنه قد أعجزوا عن معارضته كلام من عين ما ينظرون من كلامهم ليؤديهم النظر إلى سقوط مقدرتهم دونه، وظهور معجزتهم أن يأتوا بمثله بعد المراجعات الطويلة، وهم أمراء الكلام وزعماء الحوار والحراص على التساجل في الخطب والمنتهى يكون على الافتتان في القصيد والرجز ولم يبلغ من الجزالة وحسن النظم المبالغ التي بدت بلاغة كل ناطق، وشقت غبار كل سابق، ولم يتجاوز الحد الخارج من قوى الفصحاء، ولم يقع وراء مطامح أعين البصر إلا لأنه ليس بكلام البشر أنه كلام خالق القوي القدير.
Page 19