وأما السمعي، ففيما يظهرونه لكافة الخلق من المعجزات الخارقة للعادات المعجزة للأمم التي بعث فيها الرسل أن يأتوا بمثلها من كتب الله وآياته، وتصورهم عن معارضتهم بشكلها وكفى بقصور العرب الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معارضة ما جاء به من كتاب ربه مع فصاحتهم وأنفتهم وحميتهم في نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا كاف وبالله التوفيق.
مسألة: وأما الدرجة الثانية فهي درجة المقرين ببعض دين الله وهم الجاحدون بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به مع إقرارهم بالربوبية وتصديقهم للرسالة النبوية وهؤلاء اليهود والنصارى، ومن وافقهم على ذلك من الملحدة الحيارى كالحرمدينية (2) من المجوس القائلين بنبوة زرا دشت ومن كاد أن يلحق بهم.
ولهذا الدرجة مقالات مختلفة واعتلالات عن الحق منحرفة، يجمعهم جميعا الجحد بنبوة محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين. نحن نشهد لمن مات من هؤلاء على ذلك بالخزي العظيم والعذاب لأعظم القيم، ولا حاجة بنا في هذا المقام إلى وصف مراتبهم وشرح مذاهبهم فللمسلمين في دحض أباطيلهم ونقض حججهم وتعاليلهم [62] كتب مصنفة وآثار مؤلفة، فمن شاء تعلمها فليرق سلمها (3)، وبالله التوفيق.
مسألة: وأما الاقتصار في الحجة عليهم ففي معجز الكتاب الذي جاء به وهو القرآن فإنه الدليل القاطع والنور الساطع والسلطان لقاهر، والضياء الباهر والحجة العظيمة والفضيلة الكريمة والخاصية العميمة التي لا يقدر متنبئ على الإتيان بمثلها ولا بتمكن متراسل على مقابلتها بسلكها، وبالله التوفيق .
الباب الخامس والعشرون
باب بيان الدرجة والكفر في أهل القبلة
وأما الدرجة الثالثة من درجات أهل الكفر فهي درجة الخارجين من الحق بعدولهم عن الصواب وسوء تأويلهم للسنة والكتاب مع إقرارهم بالدين وتصديقهم بنبوة نبينا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم أجمعين.
Page 80