أما بعد، فقد جلت الرزية، وعظمت المحنة والبلية، لفقد أعلام المسلمين والفقهاء المتقدمين والأخيار المؤمنين، والأفضل الأ كرمين، أولى الورع والنزاهة والعقل والنباهة، والإخلاص والديانة [2] ولأدب والرزانة، والخضوع والكلفة والتحرج والصيانة، والصلاح والأمانة، ذوى الألباب والعلوم، والتبحر في العلوم، والقيام بدين الحي القيوم، الذين طلبوا العلم للآخرة، وصانوه عن المفاخرة، نزهوه من لأدناس، وأضحوه من الإلباس، ولم يتقربوا به إلى الناس، فهل من باك، للدمع سفاك، بقلب جزوع، ولب هلوع، وكبد فجوع، ودمع هموع (3)، على ذهاب الأعلام وانقراض الكلام، ودثور الأحكام، وغربة الإسلام، ودروس الآثار، وطموس نتيجات الأفكار، لموت الفقهاء الأخيار، ولا سيما المنافسين في قواعد الدين وحقائقه، المتغلغلين في غرامضه ودقائقه، التي قد صارت عند هذا الجيل مثلبة لمن طلبها وتعلمها، وعيبا لمن نافس فيها وتوسمها، ونقيصة عندهم على من تصفحها وتفهمها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، صبرا على ما قدره العليم، ورضا بما قضاه الحكيم، ولا حول ولا قوة إلا بلله العلي العظيم،. وصلى الله على رسوله النبي الكريم، محمد واله أهل الكرامة والتقديم وخصهم بالتشريف والتسليم.
الباب الأول
Page 8