Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Genres
الوصف هومو سيبيان الذي يصف نوعنا - وهو اسم لاتيني بمعنى الإنسان «المفكر» أو «الحكيم» - صكه عالم تاريخ طبيعي سويدي يدعى كارل لينيوس في منتصف القرن الثامن عشر، في الوقت الذي اعتبرت الرئيسيات الأخرى غير قادرة على مثل هذا القدر من التفكير الواعي. أصبحنا الآن نعرف أن هذا غير صحيح؛ فحتى إذا كان ذكاؤها بوجه عام أقل من ذكائنا، يستطيع الشمبانزي والغوريلا والأورانجوتان التوصل إلى قرارات منطقية مثلنا تماما، وإن افتقارهم فقط لأحبال صوتية متطورة هو الذي يحول دون التواصل فيما بينها، كما تظهر التجربة التالية. بانبانيشا هي شمبانزي بونوبو تبلغ من العمر 14 عاما، وتعني كلمة بونوبو قزما، لكن لا يمكننا وصفها بالهزيلة نظرا لأن وزنها يبلغ 160 رطلا (انظر شكل
4-5 ). تعيش بانبانيشا في حرم جامعة ولاية جورجيا في مدينة أتلانتا في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي طالبة نجيبة؛ إذ يبلغ عدد مفرداتها اللغوية 3 آلاف كلمة، وعندما سألها مراسل قام بزيارتها إذا كانت تريد شيئا ما، أجابت قائلة: «قهوة وحليبا وعصيرا بالثلج»؛ وتقول عند احتسائها للقهوة «قهوة جيد»، ثم تقول «المزيد». التزاما للدقة هي فعليا لا تقول هذه الكلمات؛ إذ إن صندوقها الصوتي غير قادر على إصدار أصوات من نوع ما يصدره الإنسان، لكنها تستخدم لوح مفاتيح إلكترونيا محمولا به جهاز صوتي (سنثسيزر)، فتظهر مفاتيحه - التي يبلغ عددها 384 مفتاحا منسقة داخل مجلد يشبه ألبوم الطوابع - أشياء مثل: القهوة والحليب والعصير والثلج، بالإضافة إلى مفاهيم مثل: جيد وسيئ ونعم ولا ومع ودون، وهكذا. ولدت بانبانيشا في الأسر، ونشأت كما لو كانت مجرد طفل آخر لسو سافاج رومبوج من مركز أبحاث اللغة.
32
تعلمت بانبانيشا جيدا، وهي الآن تعلم ذريتها. يثير اهتمام الباحثين كثيرا كيف يتناقل هؤلاء البونوبو «الماهرين لغويا» مهاراتهم اللغوية.
شكل 4-5: بانبانيشا: (أ) مع لوحة المفاتيح الإلكترونية المصورة. (ب) وهي تعزف على «البيانو» (لوحة مفاتيح موسيقية). (ج) وهي تعلم ابنها، نيوتا، البالغ من العمر 4 أعوام. انظر النص للحصول على مزيد من التفاصيل. نشرت الصور بموافقة الدكتور جارد تاجليالتيلا من مركز أبحاث اللغة، جامعة ولاية جورجيا، مدينة أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية.
كوكو هي غوريلا سهلية ولدت في حديقة حيوان سان فرانسيسكو منذ 30 عاما، ومنذ ذلك الحين تشرف على تربيتها فرانسين باترسون من مؤسسة الغوريلا في جبال سانتا كروز في كاليفورنيا. تعلمت كوكو باستخدام لغة الإشارة، ولديها القدرة على تحريك أصابعها الصغيرة بالكاد كي تجري حوارا عاديا. توجد لديها حصيلة من المفردات تصل إلى ألف كلمة، وتفهم ألف كلمة أخرى، ويقال إن معدل ذكائها يصل إلى نحو 80؛ المعدل النموذجي لطفل بشري يعاني من تخلف عقلي بسيط. لم تستخدم السنثسيزر الصوتي لأنها كسرت أول جهاز يقدم إليها؛ يصنع واحد أقوى لها، لكن مهارتها في لغة الإشارة تجعل هذا غير ضروري.
33
ماذا يعني كل هذا؟ بخلاف المعلومات التي قد يقدمها لنا بشأن تطور اللغات البشرية، فإنه يؤكد على نقطتين؛ أولا: أن الرئيسيات، مثل الشمبانزي والغوريلا، لديها القدرة التامة على التفكير المنطقي. وثانيا: أنها ذكية بما يكفي لتعلم لغة البشر مثل الإنجليزية. وعلى الأرجح ربما تستطيع تعلم الصينية بالسهولة نفسها؛ فكونها لغة رمزية ربما يجعل تعلمها وكتابتها أسهل عليها. كذلك، يبدو أن استخدام المفردات بذكاء ليس أحد الاختلافات بين القرود والإنسان. يظهر هذا أيضا أن الكاتب هيكتور هيو مونرو (وكنيته «ساكي»)، الذي ظهر في أوائل القرن العشرين كان سابقا لعصره حين كتب:
كان السير ويلفريد يقول: «وهل تطلب منا حقا أن نصدق أنك اكتشفت طريقة لتعليم الحيوانات فن كلام البشر، وأن صديقك العزيز القديم توبرموري أثبت أنه تلميذك الناجح الأول؟»
قال السيد أبين: «إنها مشكلة عملت على حلها طوال سبعة عشر عاما، لكن خلال الأشهر الثمانية أو التسعة الأخيرة فقط جاءت مكافأتي في ظهور بصيص من النجاح ... مع توبرموري، كما تطلق عليه؛ فقد وصلت إلى هدفي ...»
Page inconnue