وقوله تعالى قل آنتم أعلم أم الله تقريرا على فساد دعواهم إذ لا جواب لمفطور إلا أن الله تعالى أعلم ومن أظلم ممن كتم شهادة أي لا أحد أظلم منه وإياهم أراد تعالى بكتمان الشهادة قال مجاهد وغيره فالذي كتموه هو ما كتبهم من أن الأنبياء على الحنيفية لا على ما ادعوه وقال قتادة وغيره هو ما عندهم من الأمر بتصديق النبي ص - والأول أشبه بسياق الآية ومن متعلقة بعنده ويحتمل أن تتعلق بكتم وما الله بغافل الآية فيه وعيد وإعلام أنه لا يترك أمرهم سدى والغافل الذي لا يفطن للأمور إهمالا منه مأخوذ من الأرض الغفل وهي التي لا معلم بها وقوله تعالى تلك أمة الآية كررها عن قرب لأنها تضمنت معنى التهديد والتخويف ولترداد ذكرهم أيضا في معنى غير الأول
قوله تعالى سيقول السفهاء من الناس الآية اختلف في تعيين هؤلاء السفهاء فقال ابن عباس هم الأحبار وذلك أنهم جاءوا إلى النبي ص - فقالوا يا محمد ما ولاك عن قبلتنا ارجع إليها ونومن بك يريدون فتنته وقيل اليهود والمنافقون وقالت فرقة هم كفار قريش وولاهم معناه صرفهم ويهدي من يشاء إشارة إلى هداية الله تعالى هذه الأمة إلى قبلة إبراهيم وكذلك جعلناكم أي كما هديناكم إلى قبلة إبراهيم وشريعته جعلناكم أمة وسطا أي عدولا روي ذلك عن رسول الله ص - وتظاهرت به عبارات المفسرين والوسط الخيار والأعلى من الشيء وواسطة القلادة أنفس حجر فيها ومنه قوله تعالى قال أوسطهم وشهداء جمع شاهد والمراد بالناس هنا في قول جماعة جميع الجنس وإن أمة محمد ص - تشهد يوم القيامة للأنبياء على أممهم بالتبليغ وروي في هذا المعنى حديث صحيح عن النبي ص - وروي عنه أن أمته تشهد لكل نبي ناكره قومه
ت
وهذا الحديث خرجه البخاري وابن ماجه وابن المبارك في رقائقه وغيرهم قائلا ص - فذلك قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا الآية وكون الرسول شهيدا قيل معناه بأعمالكم يوم القيامة وقيل عليكم بمعنى لكم أي يشهد لكم بالإيمان وقوله تعالى وما جعلنا القبلة الآية قال قتادة وغيره القبلة هنا بيت المقدس أي إلا فتنة لنعلم من يتبعك من العرب الذين لم يالفوا إلا مسجد مكة أو من اليهود على ما قاله الضحاك الذين قالوا للنبي ص - إن صليت إلى بيت المقدس اتبعناك فأمره الله بالصلاة إليه امتحانا لهم فلم يؤمنوا وقال ابن عباس القبلة في الآية
Page 114