Les joyaux sublimes dans l'exégèse du Coran

al-Ta'alibi d. 429 AH
197

Les joyaux sublimes dans l'exégèse du Coran

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

ويؤيد أن اليدين هنا بمعنى الأنعام قرينة الإنفاق ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام وليزيدن كثيرا منهم يعني اليهود ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ثم قال سبحانه والقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة العداوة أخص من البغضاء لأن كل عدو فهو يبغض وقد يبغض من ليس بعدو والبغضاء قد لا تتجاوز النفوس وقد ألقى الله سبحانه الأمرين على بني إسرائيل قال الفخر وقد أوقع الله بين فرقهم الخصومة الشديدة وانتهى أمرهم إلى أن يكفر بعضهم بعضا وفي قوله والقينا بينهم العداوة الآية قولان أحدهما أن المراد ما بين اليهود والنصارى من العداوة لانه جرى ذكرهم فى قوله لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء وهذا قول الحسن ومجاهد والثاني ما وقع من العداوة بين فرق اليهود فإن بعضهم جبرية وبعضهم قدرية وبعضهم موحدة وبعضهم مشبهة وكذلك بين فرق النصارى كالملكانية والنسطورية واليعقوبية انتهى وقوله سبحانه كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله استعارة بليغة قال مجاهد معنى الآية كلما اوقدوا نار الحرب النبي ص - اطفأها الله فالآية بشارة لنبينا محمد عليه السلام وللمؤمنين وباقي الآية بين وقوله تعالى ولو أن أهل الكتاب ءامنوا الآية هذه الآية تحتمل أن يراد بها معاصرو النبي صلى الله عليه وسلم وتحتمل أن يراد بها الأسلاف والمعاصرون وقوله سبحانه ولو أنهم أقاموا التوراة أي أظهروا أحكامها فهي كإقامة السوق وإقامة الصلاة وقوله سبحانه والإنجيل يقتضي دخول النصارى في لفظ أهل الكتاب في هذه الآية قلت وقال مكي معنى أقاموا التوراة والإنجيل أي عملوا بما فيهما وأقروا بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وبنبوءته انتهى من الهداية وقوله وما أنزل إليهم من ربهم معناه من وحي وسنن على ألسنة الأنبياء عليهم السلام واختلف في معنى من فوقهم ومن تحت أرجلهم فقال ابن عباس وغيره المعنى لأعطتهم السماء مطرها والأرض نباتها بفضل الله تعالى وقال الطبري وغيره إن الكلام استعارة ومبالغة في التوسعة كما يقال فلان قد عمه الخير من قرنه إلى قدمه وقوله سبحانه منهم أمة مقتصدة معناه معتدلة والقصد والاقتصاد الاعتدال والرفق والتوسط الحسن في الأقوال والأفعال قال ابن زيد وهؤلاء هم أهل طاعة الله من أهل الكتاب قال ع وهذا هو الراجح وقوله سبحانه يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك الآية هذه الآية أمر من الله تعالى لنبيه عليه السلام بالتبليغ على الاستيفاء والكمال لأنه قد كان بلغ صلى الله عليه وسلم وإنما أمر في هذه الآية بأن لا يتوقف عن شيء مخافة أحد وذلك أن رسالته عليه السلام تضمنت الطعن على أنواع الكفرة وبيان فساد حالهم فكان يلقى منهم صلى الله عليه وسلم عنتا وربما خافهم أحيانا قبل نزول هذه الآية فقال الله تعالى له بلغ ما أنزل إليك من ربك أي كاملا والله يعصمك من الناس قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها من زعم أن محمدا كتم شيئا من الوحي فقد أعظم الفرية والله تعالى يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك الآية وقال عبد الله ابن شقيق كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقبه أصحابه يحرسونه فلما نزلت والله يعصمك من الناس خرج فقال يا أيها الناس الحقوا بملاحقكم فإن الله قد عصمنى قلت وخرج الترمذي هذا الحديث أيضا من طريق عائشة وكما وجب عليه التبليغ عليه السلام وجب على علماء أمته وقد قال عليه السلام بلغوا عني ولو آية وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب حامل فقه إلى من ليس بفقيه جاهل فقه إلى من هو أفقه منه رواه أبو داود واللفظ له والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي هذا حديث حسن ورواه من حديث ابن مسعود وقال حسن صحيح انتهى من السلاح وقال محمد بن كعب القرظي نزلت هذه الآية بسبب الإعرابي الذي اخترط سيف النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله به قال ابن العربي قوله تعالى والله يعصمك من الناس معناه يجعل بينك وبينهم حجابا يمنع من وصل مكروههم إليك كعصام القربة الذي يمنع سيلان الماء منها ولعلمائنا في الآية تأويلات أصحها أن العصمة عامة في كل مكروه وأن الآية نزلت بعد أن شج وجهه وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وقيل أنه أراد من القتل خاصة والأول أصح وقد كان صلى الله عليه وسلم أوتي بعض هذه العصمة بمكة في قوله تعالى إنا كفيناك المستهزءين ثم كملت له العصمة بالمدينة فعصم من الناس كلهم انتهى من كتابه في تفسير أفعال الله الواقعة في القرآن ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام أن يقول لأهل الكتاب الحاضرين معه لستم على شيء أي على شيء مستقيم حتى تقيموا التوراة والإنجيل وفي إقامتهما الإيمان بنبينا محمد عليه السلام قلت وهذه الآية عندي من أخوف آية في القرآن كما أشار إلى ذلك سفيان فتأملها حق التأمل وقوله سبحانه وما أنزل إليكم من ربكم الآية يعني به القرآن وقوله تعالى إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصابون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا لفظ عام لكل مؤمن من ملة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن غيرها من الملل فكان ألفاظ الآية حصر بها الناس كلهم وبينت الطوائف على اختلافها وهذا هو تأويل الجمهور وقد مضى الكلام في سورة البقرة فراجعه هناك وقرأ الجمهور والصابون وقرىء خارج السبعة والصابين وهي بينة الإعراب وأما على قراءة الجمهور فأختلف في إعرابها ومذهب سيبويه والخليل ونحاة البصرة أنه من المقدم الذي معناه التأخير كأنه قال إن الذين ءامنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابون والنصارى كذلك قال ص ووجه ثان أن خبر ان محذوف أي إن الذين آمنوا لهم أجرهم وخبر الصابين من آمن وما بعده قال ابن عصفور وهو حسن جدا إذ ليس فيه أكثر من حذف خبر ان للفهم وهو جائز في فصيح الكلام انتهى قلت قال ابن مالك وهو أسهل من التقديم والتأخير وقيل أن الصابين في موضع نصب ولكنه جاء على لغة بلحارث الذين يجمعون التثنية بالألف على كل حال والجمع بالواو على كل حال قاله أبو البقاء وقيل غير هذا وقوله سبحانه وحسبوا ألا تكون فتنة المعنى في هذه الآية وظن هؤلاء الكفرة بالله والعصاة من بني إسرائيل أن لا يكون من الله ابتلاء لهم وأخذ في الدنيا فلجوا في شهواتهم وعموا فيها إذ لم يبصروا الحق وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم حبك الشيء يعمى ويصم وقوله سبحانه ثم تاب الله عليهم قالت جماعة من المفسرين هذه التوبة هي ردهم إلى بيت المقدس بعد الإخراج الأول ورد ملكهم وحالهم ثم عموا وصموا بعد ذلك حتى أخرجوا الخرجة الثانية ولم ينجبروا أبدا ومعنى تاب الله عليهم أي رجع بهم إلى الطاعة والحق ومن فصاحة القرآن استناد هذا الفعل الشريف إلى الله تعالى واستناد العمى والصمم اللذين هما عبارة عن الضلال إليهم ثم أخبر تعالى أخبارا مؤكدا بلام القسم عن كفر القائلين إن الله هو المسيح ابن مريم وهذا قول اليعقوبية من النصارى ثم أخبر تعالى عن قول المسيح لهم فقال وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم الآية فضلوا هم وكفروا بسبب ما رأوا على يديه من الآيات وقوله تعالى وما للظالمين من أنصار يحتمل أن يكون من قول عيسى عليه السلام لبني إسرائيل ويحتمل أن يكون إخبارا من الله سبحانه لنبيه محمد عليه السلام وقوله تعالى لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد الآية إخبار مؤكد كالذي قبله عن هذه الطائفة الناطقة بالتثليث وهم فرق منهم النسطورية وغيرهم ولا معنى لذكر أقوالهم في كتب التفسير وقوله سبحانه ثالث ثلاثة لا يجوز فيه إلا الإضافة وخفض ثلاثة لأن المعنى أحد ثلاثة فإن قلت زيد ثالث اثنين أو رابع ثلاثة جاز لك أن تضيف كما تقدم وجاز أن لا تضيف وتنصب ثلاثة على معنى زيد يربع ثلاثة وقوله سبحانه وما من إله إلا إله واحد الآية خبر صادع بالحق وهو سبحانه الخالق المبدع المتصف بالصفات العلي سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ثم توعدهم إن لم ينتهوا عما يقولون ثم رفق جل وعلا بهم بتحضيضه إياهم على التوبة وطلب المغفرة ثم وصف نفسه سبحانه بالغفران والرحمة استجلابا للتائبين وتأنيسا لهم ليكونوا على ثقة من الانتفاع بتوبتهم قال ص ليمسن اللام فيه جواب قسم محذوف قبل أداة الشرط انتهى وقوله تعالى وأمة صديقة بناء مبالغة من الصدق ويحتمل من التصديق وبه سمى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهذه الصفة لمريم تدفع قول من قال أنها نبية وقوله سبحانه كانا يأكلان الطعام تنبيه على نقص البشرية وعلى حال من الاحتياج إلى الغذاء تنتفي معها الألوهية ويؤفكون معناه يصرفون ومنه قوله عز وجل يؤفك عنه من أفك والأرض المأفوكة التي صرفت عن أن ينالها المطر والمطر في الحقيقة هو المصروف ولكن قيل أرض مأفوكة لما كانت مافوكا عنها وقوله تعالى قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم الآية الضر بفتح الضاد المصدر وبضمها الاسم وهو عدم الخير والسميع لأقوالهم والعليم بنياتهم والغلو تجاوز الحد من غلا السهم إذا تجاوز الغرض المقصود وتلك المسافة هي غلوته وهذه المخاطبة هي للنصارى الذين غلوا في عيسى والقوم الذين نهى النصارى عن اتباع أهوائهم هم بنو إسرائيل ووصف تعالى اليهود بأنهم ضلوا قديما وأضلوا كثيرا من اتباعهم ثم أكد الأمر بتكرار قوله تعالى وضلوا عن سواء السبيل وقوله تعالى لعن الذين كفروا من بني إسرائيل الآية قال ابن عباس رضي الله عنه لعنوا بكل لسان لعنوا في التوراة وفي الزبور والإنجيل والفرقان وقوله سبحانه كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه الآية ذم الله سبحانه هذه الفرقة الملعونة بانهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه أي أنهم كانوا يتجاهرون بالمعاصي وأن نهي منهم ناه لم يمتنع عن مواصلة العاصي ومواكلته وخلطته وروى ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على ذنب نهاه عنه تعذيرا فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيله أو خليطه فلما رأى الله تعالى ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى قال ابن مسعود وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكأ فجلس وقال لا والله حتى تأخذوا على يد الظالم فتأطروه على الحق اطرا والإجماع على أن النهي عن المنكر واجب لمن أطاقه ونهى بمعروف أي برفق وقول معروف وأمن الضرر عليه وعلى المؤمنين فإن تعذر على أحد النهي لشيء من هذه الوجوه ففرض عليه الإنكار بقلبه وأن لا يخالط ذا المنكر وقال حذاق أهل العلم ليس من شروط الناهي أن يكون سليما من المعصية بل ينهى العصاة بعضهم بعضا وقوله سبحانه لبيس ما كانوا يفعلون اللام لا م قسم وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الجهاد كلمة حق أو قال كلمة عدل عند سلطان جائر أو أمير جائر انتهى وقوله تعالى لنبيه محمد عليه السلام ترى كثيرا يحتمل أن تكون رؤية عين فلا يريد إلا معاصريه ويحتمل أن تكون رؤية قلب وعلى هذا فيحتمل أن يريد المعاصرين له ويحتمل أن يريد أسلافهم والذين كفروا عبدة الأوثان وقوله سبحانه لبيس ما قدمت لهم أنفسهم الآية أي قدمته للآخرة واجترحته ثم فسر ذلك قوله تعالى إن سخط الله عليهم فإن سخط في موضع رفع بدل من ما ويحتمل أن يكون التقدير هو إن سخط الله عليهم وقوله تعالى والنبيء إن كان المراد الأسلاف فالنبي داود وعيسى وإن كان المراد معاصري نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فالمراد بالنبي هو صلى الله عليه وسلم وذهب بعض المفسرين إلى أن قوله سبحانه ترى كثيرا منهم كلام منقطع من ذكر بني إسرائيل وأنه يعني به المنافقين ونحوه لمجاهد وقوله تعالى لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا الآية اللام في قوله لتجدن لام ابتداء وقال الزجاج هي لام قسم وهذا خبر مطلق منسحب على الزمان كله وهكذا هو الأمر حتى الآن وذلك أن اليهود مرنوا على تكذيب الأنبياء وقتلهم ومردوا على استشعار اللعنة وضرب الذلة المسكنة فهم قد لجت عداوتهم وكثر حسدهم فهم أشد الناس عداوة للمؤمنين وكذلك المشركون عبدة الأوثان والنيران وأما النصارى فإنهم يعظمون من أهل الإسلام من استشعروا منه صحة دين ويستهينون من فهموا منه الفسق فهم إن حاربوا فإنما حربهم أنفة لا أن شرعهم يأخذهم بذلك وإذا سالموا فسلمهم صاف واليهود لعنهم الله ليسوا على شيء من هذه الخلال بل شأنهم الخبث واللي بالألسنة المكر والغدر ولم يصف الله تعالى النصارى بأنهم أهل ود وإنما وصفهم بأنهم أقرب من اليهود والمشركين وفي قوله سبحانه الذين قالوا إنا نصارى إشارة إلى معاصري نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من النصارى بأنهم ليسوا على حقيقة النصارنية وإنما هو قول منهم وزعم وقوله تعالى ذلك بأن منهم قسيسين وهبانا الآية معناه ذلك بأن منهم أهل خشية وانقطاع إلى الله تعالى وعبادة وإن لم يكونوا على هدى فهم يميلون إلى أهل العبادة والخشية وليس عند اليهود ولا كان قط أهل ديارات وصوامع وانقطاع عن الدنيا بل هم معظمون لها متطاولون في البنيان وأمور الدنيا حتى كأنهم لا يؤمنون بالآخرة فلذلك لا يرى فيهم زاهد قال الفخر القس والقسيس اسم رئيس النصارى والجمع قسيسون وقال قطرب القس والقسيس العالم بلغة الروم وهذا مما وقع الوفاق فيه بين اللغتين انتهى ووصف الله سبحانه النصارى بأنهم لا يستكبرون وهذا موجود فيهم حتى الآن واليهودي متى وجد عزا طغى وتكبر ثم مدحهم سبحانه فقال وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع الآية قال النووي ينبغي للقارىء أن يكون شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهذا هو المقصود المطلوب وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب ودلائله أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر وقد بات جماعة من السلف يتلوا الواحد منهم آية واحدة ليلة كاملة أو معظم ليلة يتدبرها وصعق جماعات منهم عند سماع القرآن وقراءته ومات جماعات منهم ويستحب البكاء والتباكي لمن لا يقدر على البكاء فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين قال الله عز وجل ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا وقد وردت آثار كثيرة في ذلك انتهى من الحلية للنووي وذكر ابن عباس وابن جبير ومجاهد أن هذه الآية نزلت بسبب وفد بعثهم النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليروه ويعرفوا حاله فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فبكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي فآمن ولم يزل مؤمنا حتى مات فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وروي أن نعش النجاشي كشف للنبي عليه السلام فكان يراه من موضعه بالمدينة وجاء الخبر بعد مدة أن النجاشي دفن في اليوم الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عليه قال أبو صالح كانوا سبعة وستين رجلا وقال ابن جبير كانوا سبعين عليهم ثياب الصوف وكلهم صاحب صومعة اختارهم النجاشي وصدر الآية في قرب المودة عام فيهم ولا يتوجه أن يكون صدر الآية خاصا فيمن آمن وإنما وقع التخصيص من قوله تعالى وإذا سمعوا وجاء الضمير عاما إذ قد تحمد الجماعة بفعل واحد منهم وفي هذا استدعاء للنصارى ولطف من الله بهم ليؤمنوا قال ص مما عرفوا من الحق من الأولى لابتداء الغاية قال أبو البقاء ومعناها من أجل الذي عرفوا ومن الثانية لبيان ما الموصولة انتهى قال العراقي تفيض أي تسيل منها العبرة وفي الحديث اقرءوا القرآن وأبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا خرجه البزار انتهى من الكوكب الدري وفيه عن البزار ايضا ان النبي ص - قال من خرج من عينيه مثل جناح ذباب دموعا من خشية الله لم يدخل النار حتى يعود اللبن في ضرعه انتهى وقولهم مع الشاهدين يعني نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته قاله ابن عباس وغيره وقال الطبري لو قال قائل معنى ذلك مع الشاهدين بتوحيدك من جميع العالم لكان صوابا وهو كلام صحيح وكأن ابن عباس خصص أمة محمد لقول الله سبحانه وكذلك جعلناكم أمة وسطا الآية وقولهم وما لنالا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق توقيف لأنفسهم أو محاجة لمن عارضهم من الكفار والقوم الصالحون محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه قاله ابن زيد وغيره من المفسرين ثم ذكر تعالى ما أثابهم به من النعيم على إيمانهم وإحسانهم ثم ذكر سبحانه حال الكافرين المكذبين وإنهم قرناء الجحيم وقوله تعالى يا أيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم الآية قال ابن عباس وغيره نزلت بسبب جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلغت منهم المواعظ وخوف الله تعالى إلى أن حرم بعضهم النساء وبعضهم النوم بالليل والطيب وهم بعضهم بالاختصاء فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال أما أنا فأقوم وأنام وأصوم وأفطر وآتي النساء وأنال الطيب فمن رغب عن سنتي فليس مني قال الطبري كان فيما يتلى من رغب عن سنتك فليس من أمتك وقد ضل عن سواء السبيل والطيبات في هذه الآية المستلذات بدليل إضافتها إلى ما أحل الله وبقرينة ما ذكر من سبب الآية وقوله سبحانه ولا تعتدوا قال عكرمة وغيره معناه في تحريم ما أحل الله وقال الحسن بن أبي الحسن المعنى ولا تعتدوا فتحلوا ما حرم الله فالنهيان على هذا تضمنا الطرفين كأنه قال لا تشددوا فتحرموا حلالا ولا تترخصوا فتحلوا حراما قلت وروي مالك في الموطأ عن أبي النضر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات عثمان بن مظعون ومر بجنازته ذهبت ولم تلتبس منها بشيء قال أبو عمر في التمهيد هذا الحديث في الموطأ مقطوع وقد رويناه متصلا مسندا من وجه صالح حسن ثم اسند أبوعمر عن عائشة قالت لما مات عثمان بن مظعون كشف النبي صلى الله عليه وسلم الثوب عن وجهه وقبل بين عينيه وبكى بكاء طويلا فلما رفع على السرير قال طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها قال أبو عمر كان عثمان بن مظعون أحد الفضلاء العباد الزاهدين في الدنيا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المتبتلين منهم وقد كان هو وعلي بن أبي طالب هما أن يترهبا ويتركا النساء ويقبلا على العبادة ويحرما طيبات الطعام على أنفسهما فنزلت يا أيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم الآية ونقل هذا معمر وغيره عن قتادة انتهى وقوله سبحانه ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان معناه شددتم وعقد اليمين كعقد الحبل والعهد قال الحطيئة ... قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم ... شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا ...

Page 484