Les joyaux sublimes dans l'exégèse du Coran

al-Ta'alibi d. 429 AH
194

Les joyaux sublimes dans l'exégèse du Coran

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

كسائر الناس والخلق أكرمهم عند الله اتقاهم يهدي من يشاء للإيمان فيغفر له ويورط من يشاء في الكفر فيعذبه وله ملك السماوات والأرض وما بينهما فله بحق الملك أن يفعل ما يشاء ولا معقب لحكمه وإليه مصير العباد بالحشر والمعاد وقوله تعالى يا أهل الكتاب يعني اليهود والنصارى قد جاءكم رسولنا محمد عليه السلام وقوله على فترة من الرسل أي على انقطاع من مجيئهم مدة ما والفترة سكون بعد حركة في الإجرام ويستعار ذلك للمعاني وقد قال عليه السلام لكل عمل شرة ولكل شرة فترة وفي الصحيح أن الفترة التي كانت بين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين عيسى ستمائة سنة وهذه الآية نزلت بسبب قول اليهود ما انزل الله على بشر بعد موسى من شيء قاله ابن عباس وقوله ان تقولوا معناه حذارا أن تقولوا يوم القيامة ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير نذير وقامت الحجة عليكم والله على كل شيء قدير فهو الهادي والمضل لا رب غيره وقوله سبحانه وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء الآية المعنى واذكر لهم يا محمد على جهة إعلامهم بغيب كتبهم ليتحققوا نبوءتك ثم عدد عيون تلك النعم فقال إذ جعل فيكم أنبياء أي حاطة ومنقذون من النار وشرف في الدنيا والآخرة وجعلكم ملوكا أي فيكم ملوك لأن الملك شرف في الدنيا وحاطة في نوائبها وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين قال مجاهد هو المن والسلوى والحجر والغمام وقال غيره كثرة الأنبياء وعلى هذا القول فالعالمون على العموم وعلى القول بأن المؤتى هو آيات موسى فالعالمون عالم زمانهم لن ما أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من آيات الله أكثر من ذلك والمقدسة معناه المطهرة قال ابن عباس هي الطور وما حوله وقال قتادة هي الشام قال الطبري ولا يختلف أنها بين الفرات وعريش مصر قال ع وتظاهرت الروايات أن دمشق هي قاعدة الجبارين ثم حذرهم موسى الارتداد على الأدبار وذلك هو الرجوع القهقري والخاسر الذي قد نقص حظه ثم ذكر عز وجل أنهم تعنتوا ونكصوا فقالوا إن فيها قوما جبارين والجبار من الجبر كأنه لقدرته وغشمه وبطشه يجبر الناس على إرادته والنخلة الجبارة العالية التي لا تنال بيد وكان من خبر الجبارين أنهم كانوا أهل قوة فلما بعث موسى الاثني عشر نقيبا مطلعين من امر الجبارين واحوالهم رأوا لهم قوة وبطشا وتخيلوا أن لا طاقة لهم بهم فتعاقدوا بينهم على أن يخفوا ذلك من بني إسرائيل وأن يعلموا به موسى ليرى فيه أمر ربه لما أنصرفوا إلى بني إسرائيل خان منهم عشرة فعرفوا قراباتهم ومن وثقوا به ففشا الخبر حتى أعوج أمر بني إسرائيل وقالوا أذهب أنت وربك فقاتلا ولم يف من النقباء إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفتا ويقال فيه كالوث بثاء مثلثة وقوله تعالى قال رجلان من الذين يخافون أي يخافون الله سبحانه قال أكثر المفسرين الرجلان يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى وكالب بن يوفتا أنعم الله عليهما بالإيمان الصحيح وربط الجأش والثبوت وقولهم فاذهب أنت وربك فقاتلا الآية عبارة تقتضي كفرا وقيل المعنى فاذهب أنت وربك يعينك وأن الكلام معصية لا كفر وذكر ابن إسحاق وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم الناس يوم بدر وقال لهم أشيروا علي أيها الناس فقال له المقداد بن الأسود يا رسول الله لسنا نقول كما قالت بنو إسرائيل اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون ثم تكلم سعد بن معاذ بنحو هذا المعنى ولما سمع موسى عليه السلام قولهم ورأى عصيانهم تبرأ إلى الله منهم قوال داعيا عليهم رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي يعني هارون وقوله فافرق بيننا دعاء حرج والمعنى فافرق بيننا وبينهم حتى لا نشقى بفسقهم قال فإنها محرمة عليهم أي قال الله وحرم الله تعالى على بني إسرائيل دخول تلك المدينة أربعين سنة يتيهون في الأرض أي في أرض تلك النازلة وهو فحص التيه وهو على ما يحكى طول ثلاثين ميلا في عرض ستة فراسخ ويروى أنه لم يدخل المدينة أحد من ذلك الجيل إلا يوشع وكالوث وروي أن يوشع نبىء بعد كمال الأربعين سنة وخرج بيني إسرائيل من التيه وقاتل الجبارين وفتح المدينة وفي تلك الحرب وقفت له الشمس ساعة حتى استمر هزم الجبارين والتيه الذهاب في الأرض إلى غير مقصد معلوم وقوله تعالى فلا تأس على القوم الفاسقين معناه فلا تحزن والخطاب بهذه الآية لموسى عليه السلام قال ابن عباس ندم موسى على دعائه على قومه وحزن عليهم فقال الله له فلا تاس على القوم الفاسقين وقوله تعالى واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا الآية أتل معناه أسرد واسمعهم إياه وهذه من علوم الكتب الأول فهي من دلائل نبوءة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذ هي من غامض كتب بني إسرائيل قال الفخر وفي الآية قولان أحدهما أتل على الناس والثاني أتل على أهل الكتاب انتهى وابني آدم هما لصلبه وهما هابيل وقابيل روت جماعة من المفسرين منهم ابن مسعود أن سبب هذا التقريب أن حواء كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى وكان الذكر يتزوج أنثى البطن الآخر ولا تحل له أخته توءمته فولدت مع قابيل أختا جميلة ومع هابيل أختا ليست كذلك فلما أراد آدم أن يزوجها من هابيل قال قابيل أنا أحق بأختي فأمره آدم فلم يأتمر فاتفقوا على التقريب فتقبل قربان هابيل ووجب أن يأخذ أخت قابيل فحينئذ قال لأقتلنك وقول هابيل إنما يتقبل الله من المتقين كلام قبله محذوف تقديره ولم تقتلني وليس لي ذنب في قبول الله قرباني وإنما يتقبل الله من المتقين وإجماع أهل السنة في معنى هذه الألفاظ أنها اتقاء الشرك فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة وأما المتقي للشرك وللمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والحتم بالرحمة علم ذلك بأخبار الله تعالى لا إن ذلك يجب على الله تعالى عقلا قلت قول ع في معنى هذه الألفاظ يعني حيث وقعت في الشرع وأما في هذه الآية فليس باتقاء شرك على ما سيأتي وقول هابيل ما أنا بباسط يدي إليك الآية قال عبد الله بن عمر وجمهور الناس كان هابيل أشد قوة من قابيل ولكنه تحرج وهذا هو الأظهر قال ع ومن هنا يقوى أن قابيل إنما هو عاص لا كافر لأنه لو كان كافرا لم يكن للتحرج هنا وجه وتبوء معناه تمضي متحملا وقوله بإثمي وإثمك قيل معناه بإثم قتلي وسائر آثامك وقيل المعنى بإثمى الذي يختص بي فيما فرط لي وهذا تأويل يعضده قول النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالظالم والمظلوم يوم القيامة فيؤخذ من حسنات الظالم فتزاد في حسنات المظلوم حتى ينتصف فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه وقوله وذلك جزاء الظالمين يحتمل أن يكون من قول هابيل لأخيه ويحتمل أن يكون إخبارا من الله تعالى لمحمد عليه السلام قال الفخر وقوله تعالى فطوعت له نفسه قتل أخيه قال المفسرون معناه سهلت له نفسه قتل أخيه انتهى وقوله سبحانه فأصبح من الخاسرين أصبح عبارة عن جميع أوقاته وهذا مهيع كلام العرب ومنه أصبحت لا أحمل السلاح البيت وقول سعد فأصبحت بنو أسد تعزرني إلى غير ذلك من استعمال العرب ومن خسران قابيل ما صح وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما قتلت نفس ظلما إلا كان علي ابن آدم الأول كفل منها وذلك لأنه أول من سن القتل وقوله تعالى فبعث الله غرابا الآية قيل أصبح في ثاني يوم قتله يطلب اخفاء أمر قتله فلم يدر ما يصنع به فبعث الله غرابا حيا إلى غراب ميت فجعل يبحث في الأرض ويلقي التراب على الغراب الميت وظاهر الآية أن هابيل هو أول ميت من بني آدم ولذلك جهل سنة المواراة وكذلك حكى الطبري عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم بما في الكتب الأول والسوءة العورة ويحتمل أن يراد الحالة التي تسوء الناظر ثم أن قابيل وارى أخاه وندم على ما كان منه من معصية في قتله حيث لا ينفعه الندم واختلف العلماء في قابيل هل هو من الكفار أو من العصاة والظاهر أنه من العصاة قال الفخر ولم ينتفع قابيل بندمه لأن ندمه كان لأسباب منها سخط أبويه واخوته وعدم انتفاعه بقتله ونحو ذلك ولما كان ندمه لهذه الأسباب لا لأجل الخوف من الله تعالى فلا جرم لم ينفعه هذا الندم وقوله تعالى من أجل ذلك هو إشارة إلى ما تضمنته هذه القصة من أنواع المفاسد الحاصلة بسبب القتل الحرام لا أنه إشارة إلى قصة قابيل وهابيل انتهى وقوله سبحانه من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل الآية جمهور الناس على أن قوله من أجل ذلك متعلق بقوله كتبنا أي من أجل هذه النازلة ومن جراها كتبنا وقال قوم بل هو متعلق بقوله من النادمين أي ندم من أجل ما وقع والوقف على هذا على ذلك والناس على أن الوقف من النادمين ويقال فعلمت ذلك من أجلك بفتح الهمزة ومن أجلك بكسرها وقوله سبحانه بغير نفس أي بغير أن تقتل نفس نفسا والفساد في الأرض يجمع الزنا والارتداد والحرابة وقوله سبحانه فكأنما قتل الناس جميعا روي عن ابن عباس أنه قال المعنى من قتل نفسا واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا ومن ترك قتل نفس واحدة وصان حرمتها مخافتي واستحياها فهو كمن أحيا الناس جميعا قال الحسن وابن زيد ومن أحياها أي عفا عن من وجب له قتله بعد القدرة وقيل غير هذا ثم أخبر تعالى عن بني إسرائيل أنهم جاءتهم الرسل بالبينات في هذا وفي سواه ثم أن كثيرا منهم بعد ذلك في كل عصر يسرفون ويتجاوزون الحدود وقوله سبحانه إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية روى أنس بن مالك وغيره أن الآية نزلت في قوم من عكل وعرينة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فاسلموا ثم انهم مرضوا واستوخموا المدينة فامرهم النبي ص - أن يكونوا في لقاح الصدقة وقال اشربوا من ألبانها وأبوالها فخرجوا فيها فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الإبل فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم فبعث الطلب في آثارهم فأخذوا قال جميع الرواة فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمر أعينهم ويروى وسمل وتركهم في جانب الحرة يستسقون فلا يسقون فقيل أن هذه الآية ناسخة لفعله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين ووقف الأمر على هذه الحدود وقال جماعة أنها غير ناسخة لذلك الفعل لأن العرنيين مرتدون لا سيما وفي بعض الطرق أنهم سملوا أعين الرعاء وقالوا هذه الآية هي في المحارب المؤمن قال مالك المحارب عندنا من حمل على الناس السلاح في مصر أو برية فكابرهم عن أنفسهم وأموالهم دون نائرة ولا دخل ولا عداوة وبهذا القول قال جماعة من أهل العلم قالوا والإمام مخير فيه بأن يعاقبه بما رأى من هذه العقوبات فأما قتل المحارب فبالسيف ضربة للعنق وأما صلبه فبعد القتل عند جماعة وقال جماعة بل يصلب حيا ويقتل بالطعن على الخشبة وروي هذا عن مالك وهو الأظهر من الآية وهو الأنكى في النكال وأما القطع فاليد اليمنى من الرسغ والرجل الشمال من المفصل وقوله سبحانه أو ينفوا من

Page 459