118

Jawahir Adab

جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب

Chercheur

لجنة من الجامعيين

Maison d'édition

مؤسسة المعارف

Lieu d'édition

بيروت

Genres

من الحزن أن تنقبض الألسن عن هذا النعي الفادح وتخرس وتقصر الأيدي عن التعزية بهذا الرزء الفادح وتيبس. "وكتب أيضًا في الأمر بالصبر على المصيبة" ماذا نصنع والبلاء نازل والموت حكم شامل وإن لم نعتصم بحبل الصبر فقد اعترضنا على مالك الأمر عليك بعزيمة الصبر وصريمة الجلد فإنها في الدين حتم وفي الرأي حزم واعلم بأن الميت لا ترده نار تلهبها من الهم على كبدك ولا يرجعه انزعاج تسلطه بالحزن على جسدك فخير لك من ذلك أن تفعل ما يفعله الذاكرون وتقول: (إِنّا للهِ وَإِنّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ) [البقرة: ١٥٦] . "وكتب أبو الفضل بديع الزمان الهمذاني المتوفي سنة ٣٩٨هـ؟" إذا ما الدّهر جرّ على أناسٍ ... مصائبهُ أناخَ بآخرينا فقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا أحسن ما في الدهر عمومه بالنوائب وخصوصه بالرغائب فهو يدعو الجفلى ذا ساء ويخص بالنعمة إذا شاء فليفكر الشامت: فإن كان أفلت فله أن يشمت: ولينظر الإنسان في الدهر وصروفه والموت وصنوفه من فاتحة أمره إلى خاتمة عمره هل يجد لنفسه أثرًا في نفسه أم لتدبيره عونًا على تصويره أم لعمله تقديمًا لأمله أم لحيله تأخيرًا لأجله كلا بل هو العبد لم يكن شيئًا مذكورًا خلق مقهورًا فهو يحيا جبرًا ويهلك صبرًا وليتأمل المرء كيف كان قبلًا فإن كان العدم أصلًا والوجود فضلًا فليعلم الموت عدلًا ... والموت أطال الله بقاء مولاي خطب فقد عظم حتى هان وأمر قد خشن حتى لان ولعل هذا السهم قد صار آخر ما في كنانتها وأزكى ما في خزانتها ونحن معاشر التبغ نتعلم الأدب من أقواله والجميل من أفعاله فلا نحثه على الجميل وهو الصبر ولا نرغبه في الجزيل وهو الأجر فبهما رأيه. "وكتب أيضًا" يا سيدي: المصاب لعمر الله كبير وأنت بالجزع جدير ولكنك بالصبر أجدر والعزاء عن الأعزة رشد كأنه ألغي وقد مات الميت فليحي الحي.

1 / 154