فهلا أظهرتني على ما وراء هذا الجمال الفني الرفيع من أمر الدين؟!
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: فإن الرواة يتحدثون بأنها أنزلت بشأن رجلين من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
حين ندب النبي أصحابه للجهاد بأموالهم وأنفسهم في غزوة (تبوك)، فأما أحد هذين الرجلين فهو عبد الرحمن بن عوف رحمه الله، قسم ماله نصفين، أمسك النصف على نفسه وأهله، وأقبل بالنصف الآخر على النبي
صلى الله عليه وسلم
فأقرضه الله قرضا حسنا؛ فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت.» وأما الآخر فعثمان بن عفان رضي الله عنه، جهز للحرب من لا جهاز له من فقراء المسلمين؛ فأنزل الله هذه الآية، ينبئ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله عن نية خالصة، وعزيمة صادقة، وبراءة من المن والأذى، بأنه يضاعف لهم نفقاتهم فيما يمنحهم من ثواب الآخرة أضعافا كثيرة، كهذه الحبة التي تلقى في الأرض، فتنبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، وكل واحدة من هذا الحب قد تلقى في الأرض؛ فتنبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، والله يضاعف الخير لمن يشاء، تسع قدرته ورحمته ذلك، والله يرزق الناس من نعيم الدنيا وثواب الآخرة إن أراد بغير حساب.
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: لو صدق الموسرون وعد الله وخافوا وعيده؛ لآثروا إقراض الله على إقراض الناس.
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : فإنهم يرون بعيونهم، ويأخذون بأيديهم، ويحرزون في خزائنهم ما تغل عليهم قروضهم في المصارف وفي أسواق المال، ويمنعهم ضعف النفوس وخور القلوب، وهذا الشك الذي يفسد العقول أن يروا ما أعد الله للمحسنين من ثواب. واقرأ إن شئت قول الله عز وجل:
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا .
Page inconnue