تأليف
زكي نجيب محمود
مقدمة
لست أقيس قامتي إلى ذرة من «وردزورث» أو «كولردج» الشاعرين الإنجليزيين اللذين أخرجا معا ديوان «الحكايات الوجدانية المنظومة» في أول القرن التاسع عشر؛ كلا، ولا أقيس شيئا في هذا الكتاب بشيء من ذلك الديوان؛ لكن كان لهذين الشاعرين أمل، كما أن لي أملا، وانتهج الشاعران في الديوان منهاجا، فانتهجت في هذا الكتاب منهاجا.
رأى الشاعران رأيا في الشعر خالفا به المعروف المألوف إذ ذاك، فبسط أحدهما - وردزورث - هذا الرأي الجديد في مقدمة طويلة للديوان، ثم جاءت بقية الديوان - مما نظم الشاعران - بمثابة التطبيق، وأصبح ديوان «الحكايات الوجدانية المنظومة» منذ ذلك الحين معلما في تاريخ الأدب يؤرخ به المؤرخون بداية عصر الابتداع.
كذلك رأيت في المقالة الأدبية رأيا أخالف به الذائع الشائع في أدبنا، وأوافق فيه رجال الأدب في الغرب، فقدمت للكتاب بفصل في شروط المقالة الأدبية وأوصافها، ثم عقبت على ذلك بمقالات هي - باستثناء عدد قليل منها في نهاية الكتاب - بمثابة التطبيق لما بسطت من قواعد.
قارئي الكريم
نشدتك الله لا تحكم على قيمة هذا الكتاب بقيمة كاتبه؛ إن كاتبه ليرجو أن يكبر في عينيك بهذا الكتاب.
نشدتك الله لا تحكم على هذا الكتاب بعدد صفحاته؛ إن صاحبه ليأمل أن يشق في المقالة الأدبية طريقا جديدا بهذه الصفحات.
نشدتك الله لا تحكم على هذا الكتاب بمعيار قادة الأدب في بلادنا؛ إنما نشرت هذا الكتاب لأناهض به أولئك القادة؛ فكأنما بهذا الكتاب أقول: من هنا الطريق يا سادة لا من هناك.
Page inconnue