Le Côté Émotionnel de l'Islam
الجانب العاطفي من الإسلام
Genres
والمطلوب منه إذا أعسر ألا يستبد به القلق، وأن يكون إيمانه بالغيب مشيعا للسكينة في قلبه، فيعلم أن الله لن يخذله إذا قصده، وأن ما فى يده جل شأنه قريب منه (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) . والصبر لله روح يدور على هذا المحور، عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الزهادة فى الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة فى الدنيا ألا تكون بما فى يدك أوثق منك بما فى يد الله، وأن تكون فى ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك " . والجملة الأخيرة فى الحديث تفند قول ابن الرومى لما مات ابنه. وما سرنى أن بعته بثوابه ولو أنه التخليد فى جنة الخلد!! هذا جزع ولدته ساعة طيش وجنون. وخير منه، قول من واسى مؤمنا فى فقيدة له " رحمة الله خير لها منك، وثواب الله خير لك منها ". الصبر لله روح الإيمان، ومناط الثواب الجزيل الذى يصبه الله صبا على من ابتلى، وسلم لله أمره (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). وعن أبى بردة قال : كنت عند معاوية وطبيب يعالج قروحة فى ظهره وهو يتضرر، فقلت له: لو بعض شبابنا فعل هذا لعبنا عليه، فقال: ما سرنى أنى لا أجده، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من مسلم يصيبه أذى فى جسده إلا كان كفارة لخطاياه " . وعن أبى هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تبارك وتعالى: إذا ابتليت عبدى المؤمن فلم يشكنى إلى عواده، أطلقته من أسارى، ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، ثم يستأنف العمل " . ومعنى الحديث: أن الصحة التى تعود للمريض تجدد له جسده، وأن صبره على ما نزل يمحو ماضيه السىء كله، ويفتح له صفحة جديدة لا سوء فيها... وعن أميمة: أنها سألت عائشة رضى الله عنها عن قوله تعالى: (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) وقوله: (من يعمل سوءا يجز به)، فقالت عائشة: ما سألنى أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم 1 ص 8 فقال لى: " يا عائشة هذه معاتبة الله العبد بما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة، حتى البضاعة يضعها فى كمه، فيفقدها فيفزع لها، فيجدها فى ضبنه، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج الذهب الأحمر من الكير ". الضبن: ما بين الإبط والكشح. والأحاديث كثيرة فى أن المرض يمحص المؤمن، وينقى نفسه، ويغسل ذنوبه. عن عبد الرحمن بن أبى بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما مثل العبد المؤمن حين يصيبه الوعك والحمى كحديدة تدخل النار فيذهب خبثها ويبقى طيبها ". وذلك طبعا للصابر المحتسب، المستكين لقضاء الله الراجى عفو الله. وقد بلغ من فضل الله على المؤمنين به أن فتح لهم باب الأمل فى واسع مغفرته، إذا صدقوا الصبر فى عناء ليلة واحدة. فعن الحسن يرفعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله ليكفر عن المؤمن خطاياه كلها بحمى ليلة" . وفى رواية: كانوا يعنى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجون فى حمى ليلة كفارة لما مضى من الذنوب. ونحن نعرف أن توبة نصوحا تغمر قلب امرئ فى ساعة من ليل أو نهار تطهر ماضيه كله، وأن رحمة الله وسعت كل شىء. بيد أننا نحسب حديث الحسن وأمثاله إنما يصور السبب المباشر لنيل المغفرة، ولا يصور الأسباب كلها. إن الحروب الكبرى قد تقع إثر حادث محدود أو اشتباك تافه. فهل هذا أو ذاك هما أسباب الحرب؟ كلا، إن الخلافات الماضية، والعداوات الأصيلة، والقوى المعبأة، والرغبات الكامنة فى تسوية الموقف هى التى تشعل نار الحرب وتستبقيها سنين عددا. وما الحادث الذى وصفوه بأنه سبب الحرب إلا الفرصة التى انتهزت لتفريغ ما فى النفوس، كذلك القول بأن صداعا يصيب المؤمن يكفر عنه ما مضى. الحق أن أصل الصبر فى نفسه، واختلاط هذا الصبر بأحواله وأعماله كلها هو الذى رشحه لما رأينا. وحال ليلة يعد من نظرنا أنموذجا لشمائل حياة، كما قيل لدريد: تقول: ألا تبكى أخاك؟ وقد أرى مكان البكا، لكن بنيت على الصبر! ص _1 ص 9
وقد وصف الله المؤمنين بخلال طيبة كثيرة، فى مقدمتها الصبر، (والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار * جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم) ولماذا يكون التسليم عليهم مقرونا بما صبروا فقط مع أنهم أدخلوا الجنة بشمائل كثيرة؟. الواقع أن الصبر عنصر أصيل فى بقية الأعمال الأخرى من صلاة ونفقة وإصلاح، إنه الخيط الذى جمعها، بل هو فى كيانها كالماء فى صنوف الأحياء... قال ابن القيم: لما كان الصبر المحمود هو الصبر النفسانى الاختيارى عن إجابة داعى الهوى المذموم كانت مرتبته وأسماؤه بحسب متعلله. فإنه إن كان صبرا عن شهوة الفرج المحرمة سمى عفة، وضدها الفجور والزنا والعهر. وإن كان عن شهوة البطن، وعدم التسرع إلى الطعام، أو تناول ما لا يجمل منه سمى شرف نفس، وشبع نفس، وسمى ضده شرها ودناءة، ووضاعة نفسر. وإن كان عن إظهاره ما لا يحسن إظهاره من الكلام سمى كتمان سر، وضده إذاعة وإفشاء، أو تهمة أو فحشاء، أو سبا أو كذبا أو قذفا. وان كان عن فضول العيش سمى زهدا، وضده حرصا. وإن كان على قدر ما يكفى من الدنيا سمى قناعة وضدها الحرص أيضا. وإن كان عن إجابة داعى الغضب سمى حلما، وضده تسرعا. وإن كان عن إجابة داعى العجلة سمى وقارا وثباتا، وضده طيشا وخفة. وإن كان عن إجابة داعى الفرار والهرب سمى شجاعة، وضده جبنا وخورا. وإن كان عن إجابة داعى الانتقام سمى عفوا وصفحا، وضده انتقاما وعقوبة. وإن كان عن إجابة داعى الإمساك والبخل سمى جودا، وضده بخلا. وإن كان عن إجابة داعى الطعام والشراب فى وقت مخصوص سمى صوما. وان كان عن إجابة داعى العجز والكسل سمى كيسا. وإن كان عن إجابة داعى إلقاء الكل على الناس، وعدم حمل كلهم سمى مروءة. فله عند كل فعل وترك اسم يخصه بحسب متعلقه.
Page 168