Janaqu, les clous de la terre
الجنقو مسامير الأرض
Genres
انتعلت حذائي، بالتالي أصبحت بكامل هندامي، لم أكن قلقا، ولو أنها ألمحت لي بأنهم قد يقتلونه ويتخلصون من جثته في نهر باسلام، فأنا أعرف أن لا أحد على الأقل بالحلة يستطيع أن يقتله، فهو من أولئك القلة الذين لا يخطر ببال أحد أنهم سيموتون قريبا، بل دائما ما يعطونك إحساسا بأنهم سوف يسيرون في جنازتك، يحفرون قبرك، ويشيلون الفاتحة على روحك، متنطقين بابتسامة حزينة طوال أيام الحداد، مررنا أولا أمام راكوبة صغيرة مضاءة بمصباح كهربائي يرسل ضوءا ضئيلا حوله، ولكنه يظهر بوضوح ود أمونة، يجلس على بنبر كبير متسع، وهو يدلك قدميه بحجر خشن يستخدم لتنعيم القدم، تقف خلفه امرأة في عمر أدي تقريبا، أربعينية طويلة ذات بشرة بنية تبدو داكنة بتأثير الإضاءة، ولكن ملامح وجهها تدل على أن لونها يميل إلى الاصفرار، كانت تستخدم الحلوى في التقاط الشعر من على ظهره، يتحدثان بصوت خفيض، توقفا عن الكلام تماما عندما مررنا بهما، أنا وأدي، خاطبتهما أدي بمرح: الولد دا شايلنه الدلالة؟
رد ود أمونة ضاحكا: النظافة من الإيمان يا أدي. «بيني وبين نفسي قدرت أن ود أمونة ولد ما نافع؛ رجل يشيل جسمه بالحلاوة، ويكرش رجله زي البنات بالحجر؟ وما معروف تاني بيعمل شنو، الله يعلم.»
عندما ابتعدنا قليلا عنهما، قالت لي أدي، وكأنها قرأت ما يدور في خلدي: ود أمونة دا أرجل زول في الحلة، أنا ربيته في يدي دي، تربية أدي مية مية.
قلت لها محتجا: قال لي بلسانه إنه اتربى في السجن.
قالت ببرود: سجن شنو يربي زول! أنا استلمته لا خلقة، ولا أخلاق، ببصلة ما بينفع.
هززت رأسي إيجابا، ومضينا عبر طريق ضيقة تمر خلف القطاطي المثيرة الكبيرة، التي تبدو أحيانا مثل أشباح عملاقة تقبع في بحر من الظلمة، الأم تسير أمامي، سمينة قصيرة تتبعها رائحة صندلية التاج الأصلية، يسمع لمشيتها طقطقة يعطيها الليل سحرا خاصا، كانت التحايا تصلنا من هناك وهنا، متسللة عبر سياج القطاطي، وأبواب الرواكيب، وسقوف القش. - مساء الخير أدي. - مساء الخير أمي. - أمي أدي. - أدي.
تأتي التحايا مختلطة بوحوحة العاشقين، وثغاء السكارى، وفحيح الفعل الليلي، ونداء الأجساد الحية النشطة الشبقة، تستجدي ملائكة المتعة، أو شياطينها، الأمر سيان.
قالت لي وهي تتحدث باستمتاع خاص: الدنيا لعبة، وآخرها كوم تراب.
هززت رأسي إيجابا، بالأحرى بما يعني: فهمت. مررنا بصوت سيدة تستجدي علنا وبصوت عال بائس أن يأتي من ينقذها، وأنها سوف تموت الآن إذا لم، كانت تسترحمه وتستجديه أن يتركها، أن يخرجه، أن يخليها تتنفس، تتنفس لا أكثر، أن يرفع جسده الثقيل عنها، أن يقذف بسرعة، إنها تموت.
وبشهامة معروفة عني انطلقت نحو القطية قاصدا فك الاشتباك، ولكن أدي أمسكت بيدي بقوة قد لا تصدر من امرأة في عمرها، وخاطبتني قائلة: ما تصدق النسوان يا ولدي، من صدق النسوان كذب الرسل.
Page inconnue