71

وأي جهاد غيرهن أريد

لكل حديث بينهن بشاشة

وكل قتيل عندهن شهيد

أو حيث يقول:

يقولون صب بالغواني موكل

وهل ذاك من فعل الرجال بديع

وقالوا رعيت اللهو والمال ضائع

فكالناس فيهم صالح ومضيع

فلا هو للجهاد في غزوة ولا هو للجهاد في طلب ثروة، وليس كذلك الرجال الأقوياء الذين يحبون، فلا يشغلهم حبهم عن الجهاد حيث تنفتح أمامهم أبواب الجهاد، بل يكون حبهم مثيرا للعزيمة، فيما طبعوا على اعتزامه من طلب المجد، أو طلب العلو على الأقران بالمال والجاه، ويبعد جدا أن يملك الهيام على أحد من هؤلاء عقله ووقته وهموم عيشه حتى يفرغ له ويعيا بأمره، ويرضى بالضياع كما رضي جميل.

وفي بعض أوصافه ما ينم على هذه الرقة الضعيفة فيه كما تنم عليها أخباره ودلالات شعره، فكان له مظهر يروع الناظر ، ولكنه كان عرضة للنوبات التي تعتريه فجأة، وقد تدل على مرض في القلب والأعصاب، فذكر بعض أصحابه أنه كان جالسا معه يحدثه «إذ ثار وتربد وجهه ووثب نافرا مقشعر الشعر متغير اللون» حتى أنكره صاحبه.

Page inconnue