هي السحر إلا أن للسحر رقية
وإني لا ألقى لها الدهر راقيا
أو كما يقول جميل:
يقولون مسحور يجن بذكرها
فأقسم ما بي من جنون ولا سحر
وما الجنون والسحر إلا ما به، وإلا فهل للعشق وصف أصدق من أنه مزيج من جنون وسحر؟ هل هو إلا جنون يعتقل العقل ويهزأ بالحذر ويطير مع الأهواء، فإن ثقلت عليه النهى أزاحها عن عاتقه ومضى لطيته؟ ألا يعرف العاشق ما يوبقه ولكنه لا يحيد عنه؟ ويبصر ما يشفيه وهو يأبى أن يذوقه؟ ... ومن محاسن جميل وإخوانه من الشعراء الغزليين أمانتهم في الإعراب عن النفس والبث بالعاطفة. انظر إلى قوله:
أرى كل معشوقين غيري وغيرها
يلذان في الدنيا ويغتبطان
وأمشي وتمشي في البلاد كأننا
أسيران للأعداء مرتهنان «فهكذا ظن جميل، وهكذا يظن كل عاشق يسمع بلذة العشق ولا يرى أين هي، فيحسب أنه هو الشقي وحده وأن العشاق كلهم سعداء، والحقيقة أن العشق لا يخلو من الشقاء أبدا، ولو خلا منه لكان أشبه باللهو الذي يتشاغل به البطالون والمجان ...» •••
Page inconnue