Jamic des épîtres
جامع الرسائل
Enquêteur
د. محمد رشاد سالم
Maison d'édition
دار العطاء
Numéro d'édition
الأولى ١٤٢٢هـ
Année de publication
٢٠٠١م
Lieu d'édition
الرياض
إِلَى السَّعَادَة إِلَّا بِهِ فَمن فَاتَهُ هَذَا الْهدى فَهُوَ إِمَّا من المغضوب عَلَيْهِم وَإِمَّا من الضَّالّين
وَهَذَا الإهتداء لَا يحصل إِلَّا بهدى الله فَمن يهده الله فَهُوَ الْمُهْتَدي وَمن يضلل فَلَنْ تَجِد لَهُ وليا مرشدا [سُورَة الْكَهْف ١٧] وَهَذِه الْآيَة مِمَّا يتَبَيَّن بهَا فَسَاد مَذْهَب الْقَدَرِيَّة الَّذين يَزْعمُونَ أَن العَبْد لَا يفْتَقر فِي حُصُول هَذَا الإهتداء إِلَى الله بل كل عبد عِنْدهم مَعَه مَا يحصل بِهِ الإهتداء وَالْكَلَام عَلَيْهِم مَبْسُوط فِي مَوضِع آخر
وَالْمَقْصُود هُنَا أَن كل عبد فَهُوَ مفتقر دَائِما إِلَى حُصُول هَذِه الْهِدَايَة وَأما سُؤال من يَقُول فقد هدَاهُم إِلَى الْإِيمَان فَلَا حَاجَة إِلَى الْهدى وَجَوَاب من يُجيب بِأَن الْمَطْلُوب دوَام الْهدى فَكَلَام من لم يعرف حَقِيقَة حَال الْأَسْبَاب وَمَا أَمر بِهِ فَإِن الصِّرَاط الْمُسْتَقيم أَن تفعل فِي كل وَقت مَا أمرت بِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت من علم وَعمل وَلَا تفعل مَا نهيت عَنهُ وَهَذَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي كل وَقت إِلَى أَن يعلم مَا أَمر بِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت وَمَا نهى عَنهُ وَإِلَى أَن يحصل لَهُ إِرَادَة جازمة لفعل الْمَأْمُور وَكَرَاهَة جازمة لترك الْمَحْظُور وَهَذَا الْعلم الْمفصل والإرادة المفصلة لَا يتَصَوَّر أَن تحصل للْعَبد فِي وَقت وَاحِد بل فِي كل وَقت يحْتَاج أَن يَجْعَل الله فِي قلبه من الْعُلُوم والإرادات مَا يهدى بِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت نعم حصل لَهُ هدى مُجمل فَإِن الْقُرْآن حق وَدين الْإِسْلَام حق وَالرَّسُول وَنَحْو ذَلِك وَلَكِن هَذَا الْهدى الْمُجْمل لَا يُعينهُ إِن لم يحصل لَهُ هدى مفصل فِي كل مَا يَأْتِيهِ ويدبره من الجزئيات الَّتِي يحار فِي كثير مِنْهَا أَكثر عقول الْخلق ويغلب الْهوى أَكثر الْخلق لغَلَبَة الشُّبُهَات والشهوات على النُّفُوس
1 / 99