276

Jamic des épîtres

جامع الرسائل

Enquêteur

د. محمد رشاد سالم

Maison d'édition

دار العطاء

Édition

الأولى ١٤٢٢هـ

Année de publication

٢٠٠١م

Lieu d'édition

الرياض

قَائِما بِذَاتِهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْقُول من صفة الْكَلَام لكل مُتَكَلم فَكل حَيّ وصف بالْكلَام كالملائكة والبشر وَالْجِنّ وَغَيرهم: فكلامهم لَا بُد أَن يقوم بِأَنْفسِهِم وهم يَتَكَلَّمُونَ بمشيئتهم وقدرتهم.
وَالْكَلَام صفة كَمَال؛ لَا صفة نقص وَمن تكلم بمشيئته أكمل مِمَّن لَا يتَكَلَّم بمشيئته؛ فَكيف يَتَّصِف الْمَخْلُوق بِصِفَات الْكَمَال دون الْخَالِق وَلَكِن " الْجَهْمِية والمعتزلة " بنوا على " أصلهم ": أَن الرب لَا يقوم بِهِ صفة؛ لِأَن ذَلِك بزعمهم يسْتَلْزم التجسيم والتشبيه الْمُمْتَنع؛ إِذْ الصّفة عرض وَالْعرض لَا يقوم إِلَّا بجسم.
و" الْكلابِيَّة " يَقُولُونَ: هُوَ متصف بِالصِّفَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا قدرَة وَلَا تكون بمشيئته؛ فَأَما مَا يكون بمشيئته فَإِنَّهُ حَادث والرب - تَعَالَى - لَا تقوم بِهِ الْحَوَادِث. ويترجمون " الصِّفَات الاختيارية " بِمَسْأَلَة " حُلُول الْحَوَادِث " فَإِنَّهُ إِذا كلم مُوسَى بن عمرَان بمشيئته وَقدرته وناداه حِين أَتَاهُ بقدرته ومشيئته كَانَ ذَلِك النداء وَالْكَلَام حَادِثا.
قَالُوا: فَلَو اتّصف الرب بِهِ لقامت بِهِ الْحَوَادِث قَالُوا: وَلَو قَامَت بِهِ الْحَوَادِث لم يخل مِنْهَا وَمَا لم يخل من الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث؛ قَالُوا: وَلِأَن كَونه قَابلا لتِلْك الصّفة إِن كَانَ من لَوَازِم ذَاته كَانَ قَابلا لَهَا فِي الْأَزَل فَيلْزم جَوَاز وجودهَا فِي الْأَزَل والحوادث لَا تكون فِي الْأَزَل؛ فَإِن ذَلِك يَقْتَضِي وجود حوادث لَا أول لَهَا وَذَلِكَ محَال: " لوجوه " قد ذكرت فِي غير هَذَا الْموضع.

2 / 7