Jamic des épîtres
جامع الرسائل
Enquêteur
د. محمد رشاد سالم
Maison d'édition
دار العطاء
Édition
الأولى ١٤٢٢هـ
Année de publication
٢٠٠١م
Lieu d'édition
الرياض
قد يُقَال فِي مثله إِن قيل إِنَّه يُتَاب مِنْهُ فَكيف يُتَاب مِمَّا لَا ذمّ فِيهِ وَلَا عِقَاب وَإِن قيل لَا يُتَاب مِنْهُ فَكيف لَا يرجع الْإِنْسَان إِلَى الْحق إِذا تبين لَهُ
وَجَوَاب ذَلِك أَنه يُتَاب مِنْهُ كَمَا يُتَاب من غَيره لِأَن صَاحبه قد ترك مَا هُوَ مَأْمُور بِهِ فِي نفس الْأَمر من الْعلم وَمَا يتبعهُ من أَعمال الْقُلُوب والجوارح إِمَّا لعَجزه عَن بُلُوغه وَإِمَّا لتَقْصِيره فِي طلبه
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قد فعل من الِاعْتِقَاد وَمَا يتبعهُ من أَعمال الْقُلُوب والجوارح مَا هُوَ مَنْهِيّ عَنهُ فِي نفس الْأَمر لَكِن سقط عَنهُ النَّهْي لعدم قدرته على معرفَة قبحه والتكليف مَشْرُوط بالتمكن من الْعلم وَالْقُدْرَة فَلَا يُكَلف الْعَاجِز عَن الْعلم مَا هُوَ عَاجز عَنهُ وَالنَّاسِي والمخطىء كَذَلِك لَكِن إِذا تجدّد لَهُ قدرَة على الْعلم صَار مَأْمُورا بِطَلَبِهِ وَإِذا تجدّد لَهُ الْعلم صَار مَأْمُورا حِينَئِذٍ باتباعه وَصَارَ فِي هَذِه الْحَال مذموما على ترك مَا يقدر عَلَيْهِ من طلب الْعلم الْوَاجِب وعَلى ترك اتِّبَاع مَا تبين لَهُ من الْعلم
وَأَيْضًا فَمَا دَامَ غير مستيقن للحق فَهُوَ مَأْمُور بِطَلَب الْعلم الَّذِي يبين لَهُ الْحق والمعتقد المخطىء لَا يكون مُسْتَيْقنًا قطّ فَإِن الْعلم وَالْيَقِين يجده الْإِنْسَان من نَفسه كَمَا يجد سَائِر إدراكاته وحركاته مِثْلَمَا يجد سَمعه وبصره وَشمه وذوقه فَهُوَ إِذا رأى الشَّيْء يَقِينا يعلم أَنه رَآهُ وَإِذا علمه يَقِينا يعلم أَنه علمه وَأما إِذا لم يكن مُسْتَيْقنًا فَإِنَّهُ لَا يجد مَا يجده الْعَالم كَمَا إِذا لم يستيقن رُؤْيَته لم يجد مَا يجده الرَّائِي وَإِنَّمَا يكون عِنْده ظن وَنَوع إِرَادَة توجب اعْتِقَاده
1 / 240