Jamic des épîtres
جامع الرسائل
Enquêteur
د. محمد رشاد سالم
Maison d'édition
دار العطاء
Édition
الأولى ١٤٢٢هـ
Année de publication
٢٠٠١م
Lieu d'édition
الرياض
وَإِذا تبين ذَلِك أَفَادَ هَذَا الحَدِيث أَلا يعجب العَبْد بِعَمَلِهِ بل يشْهد نعم الله عَلَيْهِ وإحسانه إِلَيْهِ فِي الْعَمَل وَأَنه لَا يستكثر الْعَمَل فَإِن عمله لَو بلغ مَا بلغ إِن لم يرحمه الله ويعف عَنهُ ويتفضل عَلَيْهِ لم يسْتَحق بِهِ شَيْئا وَأَنه لَا يُكَلف من الْعَمَل مَا لَا يُطيق ظَانّا أَنه يزْدَاد بذلك أجره كَمَا يزْدَاد أجر الْأَجِير الَّذِي يعْمل فَوق طاقته فَإِن ذَلِك يضرّهُ إِذْ المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى
وَأحب الْعَمَل مَا داوم عَلَيْهِ صَاحبه فَإِن الْأَعْمَال بالخواتيم بِخِلَاف عمل الأجراء فِي الدُّنْيَا فَإِن الْأُجْرَة تتقسط على الْمَنْفَعَة فَإِذا عمل بعض الْعَمَل اسْتحق من الْأُجْرَة بِقدر مَا عمل وَلَو لم يعْمل إِلَّا قَلِيلا فَمن ختم لَهُ بِخَير اسْتحق الثَّوَاب وَكفر الله بتوبته سيئاته وَمن ختم لَهُ بِكفْر أحبطت ردته حَسَنَاته فَلهَذَا كَانَ الْعَمَل الَّذِي داوم عَلَيْهِ صَاحبه إِلَى الْمَوْت خيرا مِمَّن أعْطى قَلِيلا ثمَّ أكدى وكلف نَفسه مَا لَا يُطيق كَمَا يَفْعَله كثير من الْعمَّال
فَقَوله ﷺ سددوا وقاربوا وَاعْلَمُوا أَن أحدا مِنْكُم لن يدْخل الْجنَّة بِعَمَلِهِ يَنْفِي الْمُعَاوضَة والمقابلة الَّتِي يُولد اعتقادها هَذِه الْمَفَاسِد
وَقَوله بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ يثبت السَّبَب الْمُوجب لِأَن يَفْعَله العَبْد وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم اعْمَلْ وَقدر أَنَّك لم تعْمل وَقَالَ آخر لَا بُد مِنْك وَبِك وَحدك لَا يَجِيء شَيْء
لَا بُد من الْعَمَل وَمن رَجَاء رَحْمَة الله
فَلَا بُد من الْعَمَل الْمَأْمُور بِهِ وَلَا بُد من رَجَاء رَحْمَة الله وعفوه وفضله وشهود العَبْد لتَقْصِيره ولفقره إِلَى فضل ربه وإحسان ربه إِلَيْهِ
وَقد قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة كَانُوا يَقُولُونَ ينجون من النَّار بِالْعَفو ويدخلون الْجنَّة بِالرَّحْمَةِ ويتقاسمون الْمنَازل بِالْأَعْمَالِ
1 / 151