92

Le Jami' des règles du Coran

الجامع لاحكام القرآن

Chercheur

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Maison d'édition

دار الكتب المصرية

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Lieu d'édition

القاهرة

يؤكل. فإن ادعى هذا الإنسان أن الْبَاطِلَ الَّذِي زَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ" مِنْ عَيْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ الْجَحِيمِ" لَيْسَ بَعْدَهَا" لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ" وَنَفَى هَذِهِ الْآيَةَ مِنَ الْقُرْآنِ لِتَصِحَّ لَهُ زِيَادَتَهُ، فَقَدْ كَفَرَ لَمَّا جَحَدَ آيَةً مِنَ القرآن. وحسبك بهذا لقوله رَدًّا لِقَوْلِهِ، وَخِزْيًا لِمَقَالِهِ. وَمَا يُؤْثَرُ عَنِ الصحابة والتابعين أنهم قرءوا بِكَذَا وَكَذَا إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ، لَا أَنَّ ذَلِكَ قُرْآنٌ يُتْلَى، وَكَذَلِكَ مَا نُسِخَ لَفَظُهُ وَحُكْمُهُ أَوْ لَفَظُهُ دُونَ حُكْمِهِ لَيْسَ بِقُرْآنٍ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:" مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ «١» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الْقَوْلُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ وَفِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ قِرَاءَةٍ فَقَالَ تَعَالَى:" فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ" أَيْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْرَأَ، فَأَوْقَعَ الْمَاضِيَ مَوْقِعَ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَإِنِّي لَآتِيكُمْ لِذِكْرِي الَّذِي مَضَى ... مِنَ الْوُدِّ وَاسْتِئْنَافِ مَا كَانَ فِي غَدِ أَرَادَ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ، وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلَيْنِ تَقَارَبَا فِي الْمَعْنَى جَازَ تَقْدِيمُ أَيِّهِمَا شِئْتَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى" المعنى فتدلى ثم دنى، ومثله:" اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ" وَهُوَ كَثِيرٌ. الثَّانِيَةُ هَذَا الْأَمْرُ عَلَى النَّدْبِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فِي الصَّلَاةِ. حَكَى النَّقَّاشُ عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ وَاجِبَةٌ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ وَقَوْمٌ يَتَعَوَّذُونَ فِي الصَّلَاةِ كُلَّ رَكْعَةٍ، وَيَمْتَثِلُونَ أَمْرَ اللَّهِ فِي الِاسْتِعَاذَةِ عَلَى الْعُمُومِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَتَعَوَّذَانِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ وَيَرَيَانِ قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ كُلِّهَا كَقِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَالِكٌ لَا يَرَى التَّعَوُّذَ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَيَرَاهُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ. الثَّالِثَةُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّعَوُّذَ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا آيَةً مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَارِئِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. وَهَذَا اللَّفْظُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ العلماء في التعوذ لأنه

(١). راجع ج ٢ ص ٦١.

1 / 86